بالرغم من المحاولات المعدودة المتعثرة لإصدار مطبوع تشكيلي متخصص في العراق إلا أنها لم يكتب لها النجاح ودوام استمرارية الصدور لأسباب أغلبها غياب الدعم من قبل الدولة والمؤسسات والمراكز الفنية الأهلية لقناعتهم بأن تلك المشاريع خاسرة مادياً بالرغم من تحقيقها نجاحاً ثقافياً ملموساً ...
وبعد كل تلك المحاولات فاجأنا الفنان والإعلامي ناصر عبد الله الربيعي بصحيفة أنيقة ملونة وبحجم كبير اختلفت تماماً عن الفكرة السائدة عن الإصدارات التشكيلية الحافلة بالدراسات والمقالات الطويلة ، بل كانت تحمل روحاً عصرية جديدة في التناول المكثف للمادة والتصميم الحديث. سألناه عن الهدف والجدوى في ما قدم من مشروع ثقافي فأجاب :- إن التفكير بإصدار مطبوع تشكيلي في هذا الزمن المتعب والملغوم بكل الاحتمالات السيئة والمريبة هو المجازفة بعينها وضرباً من الخيال إذا استندت إلى مجهود فردي محض ودافع نبيل غرضه إشاعة روح الفن والجمال المفضية لغة التسامح والمحبة في المجتمع خصوصاً في بلدنا ، حيث وأدت كآبة الحواجز وجدران العزلة والاختناق المروري وغياب الخدمات كل معنى لفرحة اللون وبهجة اللوحة وزهو المعارض ودينامية القاعات ، وسادت ثقافة العنف والقسوة والمزاج العصبي بين طبقات الشعب وزادها الصراع السياسي المحموم حدة أكثر ...نحن نحتاج إلى أجواء أكثر استرخاء واستقرارا نحتاج إلى أدوات نبني بها نفوس شابها التعب والهرم نحتاج مطبوعات ومعارض ومهرجانات وهذا ما بدأت به.* كيف تعاملت مع هذا المطبوع أي بمعنى توجهاته وخطوطه العامة؟- منذ سنين كان يسكنني هاجس إصدار مطبوع تشكيلي يقترب من الصحيفة الأسبوعية، ويبتعد عن المجلة الشهرية وظفت فيه خبرتي الفنية والصحفية والطباعية التي اكتسبتها في العراق والمهجر، سعيت لأن تكون لها خصوصية مختلفة تحمل طابع الصحيفة العصرية بروح ونكهة عراقية تهدف إلى تقديم عالم الفن التشكيلي العراقي والعربي والعالمي بشكل مغاير يكون فيه الخبر والمقال القصير هو السائد، فالدراسات والمقالات التحليلية الطويلة لها مطبوعاتها، والهدف الأهم الذي أسعى إليه هو تسويق الفن والفنان بشكل دعائي جديد بعد أن تم إغفال هذا الموضوع الحيوي بالنسبة لتطور الفنان وديمومة حياته ونجاحه، فما قيمة اللوحات بعد أن ينتهي المعرض وتركن في المخازن، يعدمها التراب والأرضة، فالفنان بحاجة إلى من يشير إلى أعماله ويخلق لها سوقاً يليق بها ليعوض على الأقل ما أنفقه على أعماله من مواد ومستلزمات عرض متعددة وليشعر صاحب الغاليري أن هناك جدوى باستمراره بهذا العمل.في النهاية سألته عن توقعاته عن هذا المشروع الفني الجميل؟- كنت أضع في الحسبان أن يقابل البعض هذا الحماس باستخفاف وعدم قناعة بل ربما يضحك البعض في سره على تلك المحاولة ، ولكن ما أفرحني هو الاستقبال الرائع للوسط التشكيلي للمطبوع واستحسان الغالبية من الفنانين وأساتذة الفن والمهتمين بالتشكيل عموماً بهذا العمل، وتمنيت من كل القائمين على الحراك الثقافي من مؤسسات حكومية وغير حكومية دعمه وضمان استمرارية صدوره .....
((باليت)) أول صحيفة تشكيلية تصدر في بغداد
نشر في: 11 مايو, 2012: 07:55 م