ثامر الهيمصكشفت وزارة التخطيط عن تخفيض (476 مليار دينار) لتنفيذ خطة تخفيف الفقر في البلد خلال العام الحالي عن طريق مشاريع إستراتيجية للنهوض بواقع الصحة والتعليم ، كما ورد في جريدة المدى ليوم 7\4\ 2012.
سماها ناطق التخطيط خطة تخفيف وليس إزالة خط الفقر، والتخفيف لم يحدد كنسبة من الحجم العام أو ما هو المبلغ الواجب تحديده لإزالة خط الفقر وما نسبة المليارات الزهيدة المخصصة. فالتخفيف سياسة مفتوحة، لأنه يتجدد سنوياً وهو عملية ترميم قد تكون هزيلة أمام أي أزمة اقتصادية محلية أو إقليمية أو دولية أو مع كل أزمة سياسية من صراعات التحاصص. كما أن الصحة والتعليم لا يعنيان مكافحة الفقر إذ أنهما للجميع وليس للفقراء خاصة، وأن الصحة والتعليم سبب تراجعهما هو الفقر، فإن أغلب الأمراض هي نتيجة سوء التغذية مع ضعف العلاج الوقائي، كما أن التعليم يتردى أيضا بسبب الفقر حيث يتسرب مثلا هذا العام (38 ألف طالب في بغداد) وحدها نتيجة الفقر. لذلك فعلاج الفقر وليس استئصاله هو الذي يضمن ديمومة الحلقة المفرغة. ونحن وبعد تسع سنوات ومع ارتفاع أسعار النفط لدينا 75% فقراء في ريف السماوة، ومعدل فقر الريف 39%، ومعدل الفقر في بابل عموما 61%، وواسط 60%، وهكذا في صلاح الدين. فهنا المخطِط يخطط فقط لديمومة الفقر لأنه يتزايد لمتوالية هندسية، والمخطط يهرول لاهثا لمتوالية عددية. والنتائج كارثية. والفقر أساسه الجوع كمعبر وحيد صادق عنه، وهنا يتوجب التعامل معه ككارثة حاله حال الزلزال والفيضان والتفجيرات. ولذلك (476 مليار دينار) زهيدة أمام هذه الكارثة كما يقول البنك المركزي. فهذا الجوع لم تغلق فمه التموينية في كل الأحوال، وكذلك الصدقات الشحيحة الصادرة عن شبكة الحماية، إذ لم تلمس نتائجها فهي بين الشحة المعروفة مع الشريك الفاسد الشبح الذي يتجول في أروقة الأجهزة المعنية، والذي يمارس نشاطه اختلاسا وتزويرا. وكعلاج مطروح الآن - كما قدمه وزير العمل والشؤون الاجتماعية على هامش مشاركته في مؤتمر العمل العربي - هو أن الحكومة (تدرس) تطبيق نظام جديد للبطاقة التموينية في (عام 2014)، ليضمن شمول ربع سكان العراق، وهؤلاء المشمولون هم سبعة ملايين أي ربع سكان الرافدين، وما مخصص لذلك الآن هو (613 مليار دينار) مع شكوى الوزارة من الحرج ومن الطلبات الجديدة المتجددة. فالمبلغ الإجمالي حوالي تريليون دينار عراقي لمكافحة الفقر بالضبط، وهذا يعادل عائد الضرائب تقريبا إن لم يكن أقل من ذلك. إذاً وصفات التجارة والشؤون الاجتماعية ستبقى هي القطارة التي تديم الفقر وجوعه ما لم يعالج الجوع لسبعة ملايين عراقي كحالة طارئة تدفع مباشرة كرواتب مقررة لهم منعا للسراق والمزورين، ومن دون تسييس لصالح جهة أو جهات، ومشاركة حقيقية من منظمات المجتمع المدني، بعد ذلك علينا تخطيط الصحة والتعليم بشكل مهني ولا يكون ذلك قبل مكافحة الكارثة.
فضاءات: هل التخطيط للجوع؟
نشر في: 11 مايو, 2012: 08:20 م