شاكر الأنباري بعد اجتماعات أربيل، تبدو الأزمة وكأنها تتجه إلى ابتكار حل يخرج الجميع من النفق. حل ما يجنب البلد على الأقل انعطافات حادة يعيش انعكاساتها السلبية المواطن البسيط منذ زمن طويل. لكن هذا التفاؤل يظل محكوما بالتطبيق. والمعالجات المطلوب تطبيقها يجب أن تكون جذرية.
من الفقرات الخلافية التي طفت إلى السطح في السنوات السابقة هي قضية التوازن الوظيفي، أي تقاسم الوظائف العامة الكبيرة بين الكتل مثل الهيئات المستقلة، والمناصب الأمنية، والمدراء العامين في وزارات الدولة، لكي لا تبقى تلك الوظائف محصورة في طيف واحد أو حزب واحد. تفعيل دور الدستور ومجلس النواب لكي يصبحا أداة موثوقة للتشريع ومراقبة الحكومة، وهذا لا يتم دون الالتزام الصارم بالدستور لكي يكون مرجعا للجميع، عبر المحكمة الدستورية العليا التي ينبغي أن تكون مستقلة بشكل مطلق. قضاء مسيس سيكيل بمكيالين، ويصب في مصلحة طرف واحد من الأطراف المشاركة في إدارة الدولة. أما العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية فينبغي أن تكون على قدر عال من المسؤولية، والحكمة. وحل القضايا العالقة ينبغي أن يحسمه الدستور والاتفاقيات التي أبرمت مع القوى السياسية، وعبر حوار عام، ويجب ألا يخضع لمزاج هذا الشخص أو ذاك، وإنما تنتقل العلاقة إلى علاقة مؤسساتية لها عمق قانوني ودستوري ضمانا للمستقبل، دون الخضوع لتغير الحكومات في الانتخابات. إن الثقافة الشوفينية ينبغي أن لا يسمح لها بالظهور عبر كل منعطف حاد، بل ينبغي أن تحارب قانونيا درءا لأي استفراد مستقبلي بالسلطة أو محاولة لإشاعة آيديولوجيات طائفية أو قومية تخل بثقافة التسامح، والتفهم، والاحترام لكل المكونات. يجب النظر بجدية إلى قانون الأحزاب، فمن دون وجود قانون واضح وصريح على كيفية بناء الحزب، وتمويله، وبرنامجه، وعلاقاته الخارجية، يصعب الحديث عن بيئة سياسية متطورة يحتذى بها. القضية المفصلية في الإصلاح المفترض، والملح، هي رفع يد القوى السياسية عن الفاسدين، ممن ثبت تورطهم بالسرقات، والتزوير، والتقصير، في تنفيذ الخطط بدوائرهم ومؤسساتهم. بهذا يستطيع المواطن أن يرى نتائج ملموسة للاستجوابات التي جرت في مجلس النواب. تطبيق القانون بشكل صارم على الجميع، سواء كانوا مواطنين عاديين أم مسؤولين وسياسيين، إذ من دون تطبيق القانون على الجميع لا يمكن الحديث عن تجربة ديمقراطية، وحقوق إنسان، وحريات شخصية. ويأتي على رأس ذلك محاربة التعذيب في السجون وأماكن الاعتقال، إذ ترشح قصص مروعة عما يتعرض له المحتجزون، والموقوفون، والسجناء، من تحطيم للكرامة والتعذيب الجسدي والنفسي والاستغلال. كانت واحدة من الأخطاء الفادحة التي نتجت عن الانتخابات السابقة، أن معظم القوى السياسية رشحت أعضاءها القياديين في المناصب الحكومة. بينما كان من المفترض ترشيح كفاءات تكنوقراطية مستقلة، بحيث يستطيع مجلس النواب محاسبتهم والإشراف عليهم واستبدالهم، وليس كما يجري الآن حيث تدافع أي كتلة عن منتسبيها في الوزارات، وتغطي عليهم، وتقف عائقا أمام محاسبتهم وفضحهم. وبالمحصلة، فحكومة شراكة وطنية حقيقية ستحل أحد الإرباكات البارزة التي سادت سابقا، ألا وهو تشظي الرؤية الموحدة نحو السياسة الداخلية والخارجية، مما لا ينبغي أن يحدث في دولة تحترم نفسها.
كلمات عارية :اجتماعات أربيل والحل
نشر في: 11 مايو, 2012: 08:36 م