بغداد / محمود النمر ............ تصوير/ محمود رؤوف احتفى بيت المدى للثقافة والفنون يوم أمس الجمعة في شارع المتنبي بالراحل جليل القيسي الذي رفد الحركة القصصية والروائية والمسرحية على مدى أكثر من نصف قرن ، ممتزجا بين الواقعية وما يفوق قصص الصدمة وقد أشاد بمنجزه الكثير من النقاد من حيث غرابة الشكل والمضمون ، ومحاولة القفز إلى الأعلى للوثوب على القمم.
قدم الجلسة الباحث والإعلامي رفعة عبد الرزاق مستذكرا إبداعات الراحل الذي مزق سُجُف التأمل العميق بحثا عن عوالمه الغامضة وأسراره التي تصطنع لها شفرات خاصة وأمكنة أكثر توهجا بالإنسان الحالم والمتمرد وهذا ما يمنح تجربة القيسي إغواء، ليس باتجاه الكشف عن الخصائص السردية وبنيات الحكاية في كتاباته حسب بقدر ما يفضي إلى ( كشوفات) أخرى للزمن السياسي وإرهاصاته وأسئلته باعتبار أن القيسي جعل من هذا الزمن إطارات لكشف جوهر القمع والإقصاء الذي يواجهه الإنسان بحثا عن حريته ووجوده.rnالدولة لا تحتفي بمبدعيهاوتحدث المخرج المسرحي د. سامي عبد الحميد مشيدا بتجربة هذا المبدع الكبير وقال: للأسف إن الدولة لا تستذكر مبدعيها إلا من خلال منظمات غير رسمية، فشكراً لبيت المدى الثقافي لاحتفائها بأديب - جليل - جميل - ومسرحي مبتكر أصيل - هو الراحل جليل القيسي .وأضاف: عندما التحقنا أنا وعدد من زملائي ومنهم بدري حسون فريد في الركب المسرحي العراقي كنا نعتقد خلو الساحة المسرحية في العراق من مؤلف مسرحي ناضج ومتقدم ولذلك كنا نلجأ إلى النصوص المترجمة لتعرضها مجسدة على خشبة المسرح. ونحن أعضاء فرقة المسرح الحديث التي تشكلت عام 1952 برئاسة إبراهيم جلال لم يكن لدينا من نصوص مسرحية نعتز بها إلا ما كتبه الكاتب والممثل الكبير يوسف العاني ولكننا بعد حين اكتشفنا أن هناك كاتبا مسرحياً آخر تعوض كتاباته عن نصوص المسرحيات الأجنبية وهي لا تقل في مستواها الفكري والفني عن تلك التي كنا معجبين بها مثل نصوص شكسبير وصبكون وابن وبيرانه يلو وغيرهم واكتشفنا بعد حين آخر أن نصوص طه سالم ومنها ( فرانسيس) مثلاً لا تقل كفاءة عن النصوص الأجنبية وظهرت بعد ذلك نصوص نور الدين فارس ومحب الدين زنكف ثم جاءت المفاجآت عندما اطلعنا على نصوص جليل القيسي المسرحية والتي جاءت في كتابه ( جيفارا عاد افتحوا الأبواب) الذي نشرته دار العودة والتي كانت منشوراتها ممنوعة من الدخول إلى العراق خلال السنوات الأولى من ستينيات القرن الماضي بسبب نوعية المنشورات التي تصدرها الدار والتي تخالف في مضامينها توجهات الحزب القائد آنذاك . قررنا نفيك في الصحراءفيما انصب حديث د . الناقد شجاع العاني على قصص جليل القيسي ومنهجه الفكري مشيراً إحالة منهجه إلى ثلاثة مراحل فهو قاص ستيني في مرحلته الأولى وقال: كلكم تعرفون الأحداث في 1963 ضد القوى اليسارية والتقدمية وبعد ذلك تلتها نكسة عام 1967 ، في هذه المرحلة يمكن تشخيص قصص ومسرحيات القيسي ، بأنها شخصيات مقهورة سجينة ترزح بأحداث كابوسية غير مبررة أحيانا ولا مسوَغة كما أن موقف الشخصيات يتراوح بين الإذعان أحياناً وأحياناً هذه الشخصيات تقاوم بحيث لا نجد موقفا فكريا واحدا في كل قصص الراحل وإنما قد نجد المضمونين ، يعني في قصة مثلا ، مجموعة من الناس في خان ويهجم عليهم جراد من ثقوب الخان وهم محبوسون ، ينتظرون شاحنة تنقلهم إلا أن احدهم يضطر إلى أن يأكل الجراد ، ثم هنالك ثلاثة منهم يبقون في الخان ولا يسافرون ، وهم رجلان وامرأة ، لتنتهي القصة بأن الحياة لا قيمة لها إذا لم تخالف. فهم خالفوا الجميع ولكن في قصة أخرى يكون بطل القصة يدخل في قفص كما يدخل الفأر لأجل قطعة من الجبن فيأكل الجبنة فيسجن هناك إلى الأبد .وأضاف العاني وفي قصة من قصصه أن هناك مدينة ، تتراكم في هذه المدينة مجموعة ناس فوق ناس ، ويموت أطفال ولا نعرف السبب والبطل يتساءل ما الذي يحدث في هذه المدينة ، لا نعرف ، ثم ينتهون إلى ما يشبهه السجن ، وبالأخير تأتي عربة ويجرها حصان ، والعربة على شكل تابوت ، يصعد فيها البطل بعد أن يسمع انه ستعود المدينة إلى حالها الأول . واسترسل الناقد د . العاني في قضية أخرى بعنوان ( الملح يفقد طعمه ) وهي أيضاً غريبة من نوعها ، رجل يأتيه قرار من لا يعرف مثل تهمة كأفكار يأتيه قرار ( قررنا نفيك في الصحراء ) فيرسل اعتراضه ، ويقول إن هذا القرار بالنسبة لي هو الحكم بالموت ، لان الرمال والصحراء لا تقاوم ويأتيه الرد ، لا يمكن لقد قررنا بالإجماع إرسالك إلى الصحراء ، ويوضع في سيارة ويقول الراوي إن السيارة لا شكل لها وهي مسألة غريبة ، ثم يلتقي هناك في الصحراء بفارس وهو إعرابي ، هو والثلاثة الذين ينقذونه والإعرابي لديه حصان ، الثلاثة يكلمون الفارس ثم يعودون ، ثم يأخذه الإعرابي إلى كوخ في الصحراء وأثناء الطرق يسأل الإعرابي ، إلى أين ؟ ماذا يحدث لي ، والإعرابي لا يجيب ، وأخيراً يفتح الإعرابي فمه، ليجد أن لسانه مقتلع . rnمبدع قصص الأفكار الناقد شكيب كاظم : إني أصف أعمال القاص والمسرحي العراقي المبدع جليل القيسي بـ ( قصص الأفكار) فإذا كان بعض قصاصينا يميل إلى الغرائبية والفنتازيا السحرية واراها ضعفاً في الموهبة، يرممها بالفانتازيا، وآخر يميل إلى النيل من الحواد
في بيت (المدى) للثقافة والفنون ..جليل القيسي روائي مجدد ومسرحي متفرد
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 11 مايو, 2012: 09:24 م