TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن : المالكي والبيان رقم واحد

العمود الثامن : المالكي والبيان رقم واحد

نشر في: 11 مايو, 2012: 09:34 م

 علي حسينالسيد نوري المالكي أتحفنا مؤخرا  بنظرية جديدة في عالم السياسة، مفادها،  طالما أن  مجلس النواب مجلس منتخب من الشعب، ولم يتم تعيينه بجلسة سمر بين رؤساء الكتل السياسية مثل الحكومة فمن حق أعضائه أن يتقاضوا رواتب ومخصصات، وأيضا من حقهم أن يدخلوا في نقاش حامي الوطيس شرط أن يبقى خلف أبواب البرلمان، ومن حقهم أن يصرحوا للفضائيات، ولكن ليس من حقهم التدخل في عمل الحكومة.
في حديثه لقناة العراقية حدد لنا المالكي عمل مجلس النواب بالقول" البرلمان يتدخل بقوة في عمل " ولم ينس المالكي ان يذكرنا بحقه في السيطرة على الهيئات المستقلة لأن القانون منحه هذه السلطة حسب قوله . طبعا السيد المالكي يستند في نظريته الفقهية هذه على قانون " التفرعن " وهو قانون يستمد المالكي كل قوته وسلطانه منه،حيث يرى من خلاله أن الحاكم خارج المجموعة التي يتألف منها المجتمع، تضعه فوق الجميع وخارج القوانين التي يدين بها المجتمع، ولم ينس ان يضيف لها تعديلا جديدا يقول : دعوهم يتكلمون ، دعوهم يضحكون ، لكن لا تدعوهم  يتدخلون في أي شيء، ولأجل تطبيق هذه النظرية على ارض الواقع فقد قرر السيد المالكي أن يمنع البرلمان من ان يضع انفه في عمل الحكومة التي حسب نظرية المالكي لا يأتيها الباطل صيفا ولا شتاء ، ولم ينس المالكي ان يلوح لنا بدستوره الشخصي الذي منحه كل السلطات مضيفا لنظريته فصلا جديدا اسمه فصل " التجميد " وهو الفصل الذي سيجمد فيه المالكي الاخرين اذا حاولوا يوما الاعتراض على سياساتها وسيكون حبيبه الدستور اول الداخلين الى "فريز" المالكي ، ورغم غرابة النظرية، فسنجد هناك من يصدقها ويقع في حبائلها، وهم طبعا لفيف من المبشرين بالنعم والامتيازات يطلق عليهم لقب "مقرب من رئيس الوزراء". المادة 61 من الدستور تقول:يختص مجلس النواب بما يأتي:أولاً :ـ تشريع القوانين الاتحادية ، ثانياً :ـ الرقابة على أداء السلطة التنفيذيةبعد كلام السيد المالكي مطلوب منا جميعا أن لا ننتظر إصلاحات ديمقراطية ولا قوانين تصب في مصلحة الناس طالما يريد لنا البعض من المسؤولين أن نبقى نعيش زمن القبضة الحديدية، ولهذا فنحن مجبرون على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل ساذج اسمه "من أحق بالصلاحيات"، وفي حلقته الجديدة يسعى المالكي ومعه لفيف من المؤمنين بنظريته السياسية إلى إلغاء مهام مجلس النواب وتحويله من مجلس يشرع القوانين إلى مجلس يقترح القوانين وهي رسالة واضحة أن لا شيء يخرج عن سلطة رئيس الوزراء، وأيا كانت مبررات المالكي لإطلاق تصريحه هذا، ومهما ستحاول جهات التقليل من خطورة هذا الحديث إلا انه لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره يمثل تراجعا حقيقيا في التحول الديمقراطي.وأسأل السيد المالكي: كيف يمكن لمؤسسة تشريعية كمجلس النواب أن تمارس دورها في ظل خطة جهنمية يقودها البعض لتحييد المجلس والسعي لتحويله من مجلس سياسي الى مجلس عشائري .هكذا تستغل الحكومة انشغال الناس بالمعارك الدائرة حول محاكمة الهاشمي وزعل المطلك ونقص الخدمات لتطلق بالونة اختبار تسعى من خلالها الى اقتناص مكاسب جديدة لدعم سلطتها، فيما البرلمان صامت إزاء ما تعرض له مبدأ فصل السلطات من خطر حقيقي، ورئيسه النجيفي منشغل بإقامة الدعاوى ضد الصحف.لقد قامت صورة الدولة بعد 2003 على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور "الحاكم الأوحد" وقد دفع المواطنون جميعا الثمن غاليا بعد عقود من الدكتاتورية التي مارسها صدام وبعد سنوات من الصراع  بين أجنحة السلطة للوصول إلى تفاهم مشترك لتقاسم السلطة.الفصل بين السلطات لم يكن ليتاح لولا تضحيات العراقيين الذين عانوا من سلطة الرجل الذي بيده كل شيء ويعرف كل شيء، لكن يبدو أن البعض لا يريد لصورة القائد الضرورة أن تغادر الذاكرة العراقية، فبدأ من الآن يضع نهاية للمسلسل السياسي العراقي ، نهاية يظهر فيها المالكي وهو يمسك العصا لينهال بالضرب على كل من يخالفه ، حتى يهزمهم شر هزيمة أمام الجمهور، فيما مقربوه ينتظرون منا ان نصفق بحرارة لهذا المشهد الذي يعلن فيه البطل انه قضى على كل المؤامرات ، وان البلاد تسير في طريق العز والتقدم ، وان الخونة ممن ارادوا ان يجعلوا من البرلمان سلطة رقابية هزموا شر هزيمة. وسينتهي المشهد حتما مع صوت السيد المالكي يبشرنا بأن عصر البيان واحد قد عاد وبنجاح ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram