ترجمة : ابتسام عبد الله جرى في بريطانيا ، بشكل منظَم ، حرق الألوف من السجلات التي تتضمن تقارير من الأعمال المخجلة والجرائم التي ارتكبتها قواتها إبّان مرحلة الاحتلال، وذلك خشية وقوعها في أيدي حكومات دول كانت مستعمرة سابقاَ – هذا ما صرح به مسؤول حكومي. وكانت تلك التقارير قد وصلت سراً إلى بريطانيا وبقيت في مخبأ سري لأكثر من 50 سنة، في أرشيف لوزارة الخارجية ، بعيداً عن أعين المؤرخين والناس.
وقد بزغ ذلك الأرشيف إلى العلن عندما حصل مجموعة من المواطنين الكينيين على حق قضائي لمقاضاة الحكومة البريطانية ، بسبب تعرضهم للسجن والتعذيب في خلال ثورة حركة (الماو ماو). وقد وعد مكتب الخارجية بإطلاق 800 , 8 ملف التي تعود إلى 37 مستعمرة سابقة، كانت تحفظ ضمن أعلى درجات الحيطة والأمان في ها مسلوب بارك في بكينغهام شاير. ويقول توني باد غير، مدير كلية كلير في كمبردج، إن اكتشاف وجود مثل ذلك الأرشيف قد وضع وزارة الخارجية في موقف "فضيحة مزرية" كان من المفروض أن تعرض تلك الوثائق أمام الرأي العام منذ أعوام الثمانينات. وقد تم عرض المجموعة الأولى منها أمام الملأ، في الأسبوع الماضي حيث تم عرضها في "المتحف الأرشيفي" في سوري. وكانت الوثائق المحفوظة في هانسلوب بارك تتضمن أيضا تقارير عن "التخلص" من أعداء السلطة في مالايو – الخمسينات من القرن الماضي ، وتشهد تلك التقارير على علم الوزراء في لندن بما كان يجري من اعتقالات وتعذيب لثوار حركة التحرير (ماو ماو) في كينيا ومن بينها قضية رجل ، تم شيَّه وهو حيّ ، وتقارير عن تفاصيل قيام بريطانيا، بإرغام سكان جزر دييغو غارسيا في المحيط الهندي على ترك أماكنهم. ومن بين تلك الوثائق، مجموعة كبيرة ذات حساسية خاصة قد تم إتلافها في أواخر مرحلة الإمبراطورية البريطانية، ولم يتم حفظها، وكان أيان ما كلويد ، وزير المستعمرات قد أوصى في عام 1961 ، بضرورة قيام الحكومة البريطانية بالتخلص من سجلات المرحلة الاستعمارية "كي لا تقع في أيدي الحكومة التي نالت استقلالها ، مما سيحرج موقف الحكومة البريطانية، أو أفراد الشرطة والقوات المسلحة أو المخبرين". ويبدو أن بريطانيا قد تخلصت من وثائق عن التعذيب في سجون كينيا حتى القتل، وكذلك الوثائق الخاصة بتفاصيل المذبحة التي تمت في قرية غير مسلحة في الملايو عام 1948 . وكان معظم هذه الوثائق قد حفظت من قبل السلطات الاستعمارية في "عدن"، خلال الستينات أو في غويانا البريطانية ، قبل أن يحدث انقلاب أميركي قام به الـ .CIA وسجلّ الاستعمار البريطاني حافل بقضايا التعذيب ومطاردة الثوار في أرجاء مختلفة من آسيا وإفريقيا وفي جزر البحر الأبيض أو المحيط الهندي ومنهم أفراد في منظمة أيوكا القبرصية. وكانت التوصيات البريطانية شديدة في عدم استخدام السكان المحليين في أعمال التعذيب تلك، أو حتى السماح لهم ، بالاطلاع على الوثائق المذكورة . وقد أحيط الموضوع بسرية تامة، بحيث أن الحكومات البريطانية المتعاقبة لم تدرِ بوجود مثل تلك الوثائق التي تم جمعها من 37 مستعمرة سابقة. وكانت التعليمات السابقة تنص على عدم الاحتفاظ بأي سجل عن التعذيب أو القتل في أي مستعمرة، وكان التأكيد على "تدمير الوثائق وأن لا يبقى شيء منها . وعندما يتم إحراقها يجب التخلص من ذلك الرماد". كما تم التخلص من عدد كبير منها وذلك بتشكيل رزم كبيرة منها تم غطسها في أعماق البحر ، وعلى مسافة بعيدة عن الشاطئ . وعلق د . ها مبشاير ، دبلوماسي مختص بالأرشيف على حرق الملفات قائلاً : إن الملفات التي نقلت من ها نسلوب بارك كانت بالنسبة للمؤرخين "تراب من ذهب". وقد تم نقل 6/ 1 الأرشيف السري حتى الآن. عن الأوبزرفر
بريطانيا تحرق تأريخها المشين
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 12 مايو, 2012: 08:49 م