بغداد/ المدىالدكتور جاك كيفوركيان، أميركي من أصول أرمينية، كان اسمه عند الولادة مراد كيفوركيان، وغيّر اسمه لاحقاً إلى جاك ليكون منسجماً مع الأسماء الأمريكية الأنجلو ساكسونية. اعترف كيفوركيان بأنه ساعد على الأقل 130 مريضاً على الانتحار خلال الفترة من 1990 إلى 1998!
ولد في ولاية ميتشيجان في شمال أميركا لأبوين مهاجرين من (أرمينيا)، وتخرج في كلية الطب من جامعة ميتشيجان عام ،1952 وخلال الثمانينيات صار ينادي بحق المريض في أن ينهي حياته متى أراد، طبقاً لما يسمى (الموت الرحيم) أو (قتل المرحمة) أو (فيَّفَفوُِّّ)، وفي عام 1987 بدأ يعلن في صحف مدينة (ديترويت) عن استعداده لتقديم النصائح الطبية حول كيفية الموت. وفي عام 1991 سحبت منه سلطات ولاية ميتشيجان رخصته الطبية ومنعته من ممارسة الطب والتعامل مع المرضى، ولكنه استمر في ممارسة نشاطه على الرغم من كل ذلك !يقول الدكتور كيفوركيان إن جميع المرضى المائة والثلاثين الذين ساعدهم على الانتحار قاموا بالخطوة الأخيرة المؤدية إلى موتهم بأنفسهم. اخترع وسيلة تتضمن توصيل أنبوب محلول طبي بوريد المريض، مع إمكانية السماح بمرور المادة القاتلة عبر المحلول عن طريق ضغط المريض على زر في الوقت الذي يختاره، وبهذا تبدأ المادة القاتلة في التسرب تدريجياً إلى دم المريض ما يؤدي في النهاية إلى موته. كما اخترع وسيلة أخرى تتضمن استنشاق المريض لغاز أول أكسيد الكربون السام المعبأ في اسطوانة خاصة موصلة بأنبوب ينتهي بالقناع التنفسي الذي يوضع على أنف وفم المريض.حوكم كيفوركيان مرات عديدة بسبب المساعدة في انتحار المرضى، وفي الثاني والعشرين من نوفمبر 1998 أذاع البرنامج التلفزيوني (60 دقيقة) شريط فيديو قام بتسجيله في 17 سبتمبر من السنة نفسها يصور كيف ساهم في عملية انتحار شخص يدعى (توماس يوك)، عمره 52 عاماً، كان يعاني من مرض عضال في مراحله الأخيرة، وذلك بإعطائه الحقنة القاتلة شخصياً. في ضوء ذلك التسجيل وجهت إليه النيابة العامة تهمة القتل العمد، ولأنه كان ممنوعاً من ممارسة مهنة الطب منذ ثماني سنوات، فلم يكن مسموحاً له قانوناً بحيازة المادة الطبية القاتلة التي استخدمها. دان المحلفون كيفوركيان بارتكابه جريمة القتل من الدرجة الثانية، وقرروا أن (توماس يوك) لم يكن قادراً على قتل نفسه بنفسه نظراً لحالته الصحية آنذاك. وفي عام 1999 حكم قاضي المحكمة على كيفوركيان بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد على خمس وعشرين سنة، وأرسل لتنفيذ العقوبة في سجن (كولد ووتر) في ولاية ميتشيجان. وبعد قضاء ما يزيد قليلاً على ثماني سنوات حصل في عام 2007، على إفراج مشروط لمدة سنتين بسبب حسن السلوك في السجن. لم يكن كيفوركيان أول من مارس قتل المرحمة، فقد عرفه قدماء الإغريق والرومان وأباحته مجتمعاتهم من أجل مساعدة المرضى على إنهاء حياتهم، ولكن مع مرور الوقت وظهور الأديان التي كرست مبادئ احترام الإنسان وتقديس الحياة التي وهبها الخالق، صار قتل المرحمة خطيئة غير مقبولة. وفي التاريخ المعاصر نادت جماعة من الأطباء عام 1935 بإباحة قتل المرحمة، وأسمت نفسها (جمعية قتل المرحمة الإرادي)، ثم تكونت عام 1938 جماعة أسمت نفسها (جمعية هيملوك)، وبلغ عدد أعضائها في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 67 ألف عضو. ويعتبر الطبيب (هارولد بليزر) أول من اتهم بجريمة قتل المرحمة في التاريخ المعاصر حيث قام عام 1935 بقتل ابنته المصابة بالتهاب أغشية النخاع العصبي عن طريق كتم نفسها بمنديل مشبع بمادة الكلوروفورم بعد أن اعتنى بها لمدة ثلاثين سنة، وقد برأته المحكمة. أما أول طبيب يُدان بجرم قتل المرحمة فكان جوزيف هازمان الذي قتل حماته المريضة بناءً على طلب عائلتها عن طريق حقنها بجرعة زائدة من مادة الديميرول، وحكمت عليه المحملة بعقوبة السجن المعلقة لمدة سنتين وغرامة مقدارها عشرة آلاف دولار أميركي وأن يقوم بعمل تطوعي لمدة 400 ساعة.قتل المرحمة أو الموت الرحيم أو المساعدة على الانتحار؛ معان للفظ المشتق من الإغريقية القديمة (فيَّفَفوُِّّ)، أو يوثانيجيا، حيث إن (يو) تعني بالإغريقية طيب أو حسن، بينما (ثاناتوس) تعني الموت، ويتمثل في تدخل الطبيب لإنهاء حياة مريض لدواعي الشفقة لتخليصه مما يعانيه من آلام شديدة أو المعاناة المترتبة على إعاقة جسمانية جسيمة. وهناك أربعة أنواع من قتل المرحمة:1. القتل عن طريق إعطاء المريض مواد طبية ضارة تؤدي إلى الموت أو تدني من أَجَل المريض استجابة لرغبته وبناءً على موافقته، وقد يسمى ذلك القتل الإيجابي الإرادي، أي بإرادة المريض. 2. القتل عن طريق إعطاء المريض مواد طبية ضارة تؤدي إلى الموت من دون علم المريض أو دون موافقته، وقد يسمى ذلك القتل الإيجابي غير الإرادي، أي دون إرادة المريض.3. القتل بالامتناع عن تقديم العلاج أو عن طريق إيقاف وسائل التنفس الاصطناعي بناءً على رغبة المريض وبموافقته، ويسمى كذلك القتل السلبي الإرادي، وهنا تعود الإرادة على المريض الذي طلب الموت.4. القتل بالامتناع عن تقديم العلاج أو عن طريق إيقاف وسائل التنفس الاصطناعي من دون علم المريض
فلسفة القتل الرحيم عند كيفوركيان

نشر في: 13 مايو, 2012: 07:05 م