إبرام معاهدة 1930
كلف الملك فيصل الأول نوري السعيد بتشكيل الوزارة جديدة فشكلها في الثالث والعشرين من آذار عام 1930، لتكون وزارة مفاوضات تسعى لتحقيق المعاهدة الجديدة، وضع نوري السعيد المعاهدة في أولويات مهامه، من خلال كتابه الذي وجهه إلى الملك حول منهاج وزارته، والذي جاء فيه (أن أهم مسألة سنضعها أنا وزملائي نصب أعيننا، ونبذل كل ما في وسعنا لإنجازها طبق رغبات جلالتكم، ورغبات الأمة، هي وضع المعاهدة الجديدة بيننا وبين حكومة صاحب الجلالة البريطانية، التي سنبدأ بعون الله تعالى في البحث فيها خلال العشرة أيام على أساس الاستقلال التام). وهكذا أخذ نوري السعيد يسعى منذ تسلمه رئاسة الوزراء إلى التفاهم مع البريطانيين وشاركه في ذلك الملك فيصل بالعمل على عقد المعاهدة الجديدة مع بريطانيا ،وبالفعل بدأت المفاوضات بين الوفدين العراق والبريطاني من اجل عقد المعاهدة في 3 نيسان من عام 1930 في بغداد .
المعاهدة الأنكلو عراقية 30 يونيو 1930 بين المملكة المتحدة وإدارة الانتداب البريطاني بالعراق بُنِيت على معاهدة سابقة (1922) ولكن أخذت في الاعتبار ازدياد أهمية العراق للمصالح البريطانية بعد اكتشافات النفط في عام 1927. تم التوقيع في 30 يونيو/حزيران 1930 بين رئيس وزراء العراق نوري السعيد مع المندوب السياسي البريطاني، فرانسس همفري، ومدتها 25 سنة من التحالف. المعاهدة أعطت البريطانيين حقوقاً غير محدودة لوضع قواتهم المسلحة في العراق. كما أعطتهم أيضاً حقاً غير مشروط ولا محدود لنقل القوات من وإلى العراق. في عام 1941, بنود هذه الاتفاقية استخدمتها بريطانيا كمبرر لغزو العراق واحتلاله اثر قيام انقلاب وطني بقيادة رشيد عالي الكيلاني الذي اتصل بقوات المحور. البريطانيون استخدموا بنود المعاهدة مبرراً لاحتلالهم العراق الذي دام رسمياً حتى عام 1947. وبينما كانوا يذيعون نيتهم بالمغادرة, حاولوا إجبار الحكومة العراقية التي عينوها أن توقع على معاهدة عسكرية جديدة تعطي البريطانيين صلاحيات أوسع من تلك الممنوحة في معاهدة 1930. وبالرغم من أن حكومة بغداد وقعت تلك المعاهدة إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب الاضطرابات والمظاهرات العارمة في العراق ضدها.
لقد تم الاتفاق بين المفاوضين على ما يلي:-
1- إن المعاهدة التي تجري المذاكرة فيها الآن ستدخل حيز التنفيذ عند دخول العراق عصبة الأمم.
2- إن وضع العراق كما هو مصرح في المعاهدة سيكون وضع دولة حرة مستقلة.
3- عند دخول المعاهدة الجديدة حيز العمل ستنتهي حالاً جميع المعاهدات والاتفاقات الموجودة ما بين العراق وبريطانيا العظمى،والانتداب الذي قبله صاحب الجلالة البريطانية سينتهي بطبيعة الحال.
وبعد أن أتمت الحكومة عقد المعاهدة مع بريطانيا أصبحت إمامها مهمة تصديقها من قبل مجلس النواب،ونظراً لان نوري السعيد لم يكن يستطيع ضمان الأغلبية فقد طلب من الملك إصدار الإرادة الملكية بحله وإجراء انتخابات جديدة،يستطيع من خلالها تحقيق أغلبية في المجلس الجديد،وهذا ما تم بالفعل،حيث استطاع أن يخرج بمجلس جديد يضمن نية تمرير المعاهدة.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1930 عقد المجلس النيابي جلسة تاريخية لإبرام المعاهدة الجديدة ، وفي الوقت نفسه شوهدت دوريات مكثفة للشرطة في بغداد تحسبا لخروج تظاهرات احتجاجية على المعاهدة بعد أن وافق مجلس الوزراء عليها في الرابع من الشهر . أسفرت جلسة النواب عن الموافقة على المعاهدة بواقع 69 موافقاً و13 معارضاً وغياب خمسة نواب .
حدث في مثل هذا اليوم
نشر في: 15 أكتوبر, 2012: 05:30 م