طارق الجبوريناقش الحزب الشيوعي خلال الأيام الماضية مسوّدة برنامج مؤتمره التاسع الذي كان قد سبق أن نشره ودعا قواعده والمواطنين إلى إبداء ملاحظاتهم حوله، وهو تقليد جديد انتبهت أحزاب اليسار مؤخراً لممارسته استجابة لما طرأ على العالم من متغيرات في كل شيء بما فيها المفاهيم التي كانت سائدة في العمل الحزبي، وكانت نتائجه الأولية جيدة بحسب اعتقادنا المتواضع
بدليل استجابة عدد غير قليل لهذه الدعوة، بعضهم ليسوا شيوعيين بل معروفون بميولهم وأفكارهم القومية كما أن عدداً آخر حرص على متابعة ما نشر من أوراق نقدية وملاحظات نتمنى أن تحظى باهتمام اللجان المشكّلة لإعداد الصياغة النهائية لبرنامج عمل الحزب في ضوء مؤتمره التاسع. المهم فقد أتاح نشر مسودة البرنامج فرصة التحاور وتبادل الأفكار ومناقشتها بعيداً عن التعصب والانفعال والاتهامات الجاهزة التي كانت سمة المراحل السابقة خاصة بعد ثورة الرابع عشر من تموز ما كان سبباً من أسباب انحسار اليسار وضياع فرص كبيرة على العراق وشعبه في بلورة نموذج نظام يتناسب وإرثه العريق الذي صاغته عقول نيّرة كانت نواة لأحزاب قدمت الكثير من التضحيات ومن بينها الحزب الشيوعي العراقي، غير أن بعضها لم يخلُ من مبالغات بل طروحات غريبة.وكغيري من متابعي نشاطات اليسار العربي بشكل عام طالعت بعض ما نشر عن برنامج المؤتمر التاسع،والكثير منها حتى البسيط يحمل وجعاً وألماً يتجاوز العتب بسبب وجود عقليات ما زالت تعجز عن قراءة ما تحتاج إليه المرحلة بواقعية دون التفريط بثوابت الفكر الشيوعي. إن ما يثير القلق حقاً هي بعض الأفكار التي تضمنتها بعض الملاحظات التي يبدو أن كتّابها ينتمون إلى القواعد الشيوعية فقد شعرت بأنها وفي معرض مناقشتها الأوضاع السياسية في العراق تحاملت على موقف الكرد بشكل لا ينسجم مع أي فكر يساري بالمرة بل ولا حتى مع أية أفكار تؤمن حقاً بقيمة المواطنة، وكمثال على ذلك ما جاء في ورقة قال كاتبها ما نصه " في العهد الجديد وفي حكوماتنا الجديدة شاركنا الإخوة الكرد في كل المجالات السياسية والنيابية واحتلوا مراكز سيادية وهذا ليس فضلا بل استحقاق، قد يكون مبالغا به ولكنه يعكس صفاء السريرة من قبل العرب تجاههم ولكننا نجد أن حكومة كردستان تتخذ مواقف خارجة عن سياسة حكومة العراق المركزية وأحيانا بالضد منها ولا تلتزم بقرارات وحتى قوانين المركز رغم تمثيلهم الواسع في مركز سلطة العراق. "إن هذا الطرح ومثله ما يؤسف له يعطي مؤشرين:الأول مدى تغلغل الأفكار الظلامية في عقول المواطنين وتأثيرها السيئ في أفكار عامة الناس والثاني: سوء الفهم الذي أصاب البعض في معنى الدفاع عن الحالة الجديدة في العراق التي تسمح للبعض بتوجيه اتهامات لطرف يزخر تاريخه بالتضحيات في سبيل العراق وتلاحمه مع كل القوى الوطنية من أجل الحلم الديمقراطي للعراقيين جميعاً. ما نقوله ليس دفاعاً عن موقف الكرد بحد ذاته لكنه شعور بالمسؤولية تجاه اليسار والحزب الشيوعي في مقدمته. مرة أخرى وكما أشرت في موضوع سابق إلى أنني لست شيوعياً ولكنني أتمنى أن يجد هذا الحزب وغيره من التيارات الديمقراطية مخرجاً لحالة الانحسار ولابد من الاعتراف بأن العراق يحتاج إلى حالة توازن يتاح فيها للجميع التعبير عن أفكارهم بكل حرية (الإسلامي والليبرالي واليساري) ليقدموا ما لديهم لبناء العراق وتقدمه.. وقد تتاح لنا فرصة العودة للموضوع بشكل أوسع.
كردستانيات :مرة أخرى لست شيوعياً ولكن!
نشر في: 13 مايو, 2012: 08:35 م