عدنان حسينوسط التدفق المتواصل للأحداث السيئة في بلادنا على مدى الأشهر المنصرمة، بل خلال السنتين الأخيرتين، أطل حدث لم يوله الإعلام الاهتمام المناسب، يمكن له إن أحسن بطله التصرف أن يفتح كوّة في هذه الظلمة المدلهمة التي تلفّ حياتنا بإصرار خانق وبقرار عنيد من زعماء الكتل والائتلافات النافذة في دولتنا الفاشلة.
السياسي ورجل الأعمال النائب أحمد الجلبي أقدم أخيراً على خطوة كانت منتظرة منه ومرغوبة قبل الآن، لكنها مع ذلك جاءت قبل ان يفوت وقتها، فهو أعلن مساء السبت عن تشكيل تجمع سياسي جديد يضم الى جانب حزبه، المؤتمر الوطني العراقي الذي لم يتطور وبدا كما لو انه داخل في كوما(غيبوبة)، أكثر من دزينة من المنظمات والتجمعات والشخصيات. وحمل التجمع اسم "اتحاد القوى السياسية والشخصيات الوطنية في العراق"، وقد أكد الجلبي انه يشتمل على "نخبة من أبناء هذا الشعب من رؤساء أحزاب وكيانات سياسية وشخصيات وطنية تضم خيرة الكوادر والكفاءات العلمية والإدارية والسياسية". نأمل أن يكون تأكيد الجلبي في محله، فمن اللازم إيجاد كيان لهذه الكوادر والكفاءات التي لم يترك لها تحالف الفاسدين والطائفيين أي دور في الحياة العامة وفي إدارة الدولة، ومن اللازم والمتوجب أكثر أن تلتئم القوى والشخصيات الوطنية، وبخاصة الديمقراطية، في تيار متحد ومتعاون لإيجاد المعادل الموضوعي الايجابي للتكتلات والتجاذبات والتحيزات الطائفية والقومية التي يجري تعميقها ويراد ترسيخها في حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية.الجلبي شخصية ليبرالية مثقفة وذكية وذات كاريزما، ولهذا السبب يمكنها ان تكون مركز القوى والشخصيات الليبرالية، وهذه بدورها يمكن أن تكون قطباً رئيساً في الحركة الوطنية الديمقراطية التي تضم العديد من الاحزاب والحركات اليسارية وقوى الوسط وحتى الاسلامية المعتدلة.والحركة الوطنية الديمقراطية العراقية قوة سياسية واجتماعية كبيرة لو تقاربت واتحدت وتخلصت من تشرذمها القاتل، فرقعة أنصارها والموالين لها تمتد من إقليم كردستان الى أقصى نقطة في الجنوب والشرق والغرب.بعد تسع سنوات من اسقاط نظام صدام فشلت أحزاب الاسلام السياسي (الشيعية والسنية) التي تجاذبت النفوذ المؤثر في الدولة خلال هذه الفترة فشلا كبيراً، وهذا يشكل بيئة مناسبة لمختلف القوى الوطنية الديمقراطية لطرح خطاب المواطنة بديلاً عن الخطاب الطائفي القومي الذي فاقم من الخراب الذي خلّفه نظام صدام.تجمع الجلبي الجديد يُمكنه أن يدفع باتجاه تشكيل كتلة وطنية كبيرة تتقدم بقوة وثقة الى الانتخابات القادمة، البلدية والنيابية، لكن الجلبي نفسه يحتاج الى أن يقود تجمعه بنجاح، وهو يستطيع أن ينجح اذا ما تأمل تجربة زميله إياد علاوي. فعلاوي كان يمكنه أن ينجح في تجميع كل القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية حوله، لكنه فشل فشلا ذريعاً .. فشل لأنه لم يقد ائتلاف "العراقية" بطريقة ديمقراطية فخسر حلفاءه جماعات وافراداً الواحد بعد الآخر، وفشل لأنه جعل عينه مسلّطة على منصب رئيس الوزراء دون غيره واستعجل استعادة المنصب الذي شغله لأقل من سنة وأظهر الاحتقار لمنصبه النيابي، مع ان باب رئاسة الحكومة يقع بجوار المقعد النيابي بالضبط.السيد الجلبي اعمل بخلاف ما فعله زميلك القديم وستنجح.
شناشيل: كيف ينجح الجلبي؟
نشر في: 14 مايو, 2012: 08:47 م