TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مهرجان المربد من فشل إلى آخر

مهرجان المربد من فشل إلى آخر

نشر في: 15 مايو, 2012: 06:23 م

سهيل نجمطفح الكيل، أغلب ما سنقوله هنا كان مؤجلاً تقديراً منا للظروف الصعبة التي يعيشها الجميع وكنا نأمل أن يأخذ الناس العبرة من التجارب السابقة ويراكموا خبرتهم لما هو أفضل، عاماً بعد عام، لكن الواقع إلى ترد أكثر مما كان في كل شيء من حضور الشعر والثقافة إلى تنظيم القراءات والجلسات النقدية وبعد ذلك دعوات الشعراء وضيافتهم.
لقد طفح الكيل بالفعل وصار السكوت غير مقبول وربما يدل على تواطؤ ما. لا بد من قول ما يجب أن يقال احتراماً للعراقيين جميعاً وللبصريين وللمثقفين غايتنا إصلاح هذا الخراب الذي يسعى كثيرون إلى إدامته عمداً وبإصرار بينما يتعامل معه آخرون ببرود وعفوية ساذجة. إنه مهرجان المربد أيها الإخوة، هذا المهرجان العريق وذائع الصيت لماذا جعلتم منه أضحوكة ومهزلة مبكية. لماذا كان النظام الاستبدادي يجعل مثل هذا المهرجان بهياً لامعاً على الرغم من تسخير جزء كبير منه لتزويق قباحة النظام إعلامياً فلماذا لا تلمعون عهدكم الجديد وديمقراطيتكم التي تزعمون لتكون أجمل وأبهى؟ لماذا يكون من المستحيل أن تجمعوا ضيوفكم في أجمل دياركم بدل تفريقهم متشرذمين في فنادق من الدرجة العاشرة؟ ألا يستحق المثقفون واحداً بالمائة لا أكثر من اهتمام دولتنا الغنية مقارنة بمؤتمر القمة أو حتى مؤتمر الصحفيين الذي عقد في أغلى فنادق العراق؟ ألم يكن من الأحسن جمع الضيوف في مكان واحد يتوفر فيه السكن والقاعات ذوات الطاولات المستديرة للحوارات النقدية الجادة والقاعات المناسبة للقراءات الشعرية الموحية بحكمة الشعر وألقه وجمالياته الساحرة؟ إذا كان ضيوفكم الذين من الداخل والخارج لا يستحقون الضيافة في الشيراتون أو غيره أما كان من الأحرى أن تعتذروا عن دعوة ناس لا يستحقون الضيافة؟ هل عملكم إكرام الضيف أم إذلاله وهو يحمل عشاءه "السفري" كالمشردين؟ إذا كانت قاعاتكم غير مؤهلة لمثل هذا المهرجان أما كان من الأحرى تأجيله حتى تتمكنوا من بناء بنية تحتية تليق به وبكم وبضيوفكم؟ ألم تتعلموا طوال سنوات أن قاعاتكم هذه لا تصلح إلا لحفلات الخشابة وحفلات الطرب أكثر مما تصلح لهمس الشعر وبوحه؟ إنه الشعر أيها الإخوة، وهو في أغلبه شعر حديث لا يحتاج إلى الاستماع فقط بل إلى الإنصات والإصغاء. إنه الشعر الحديث الذي تبلغ حساسيته درجة أعلى حتى من الموسيقى السيمفونية فكيف بقاعة يعلو فيها الهرج والمرج؟ آن لكم أن تعوا ما هو الشعر الحديث الذي هو خارج أطر القوافي الصارخة والصاخبة. هذا الشعر، إذا كنتم لا تعلمون، يبني علاقة باطنية مع متلقيه بالغة الرهافة في إنسانيتها وعمقها وأي خلل في الإصغاء يجعل منها هشيما. إذا لم تفهموا طبيعة هذا الشعر ولم تدرسوه من قبل ولا تريدون أن تدرسوه فاعتذروا أرجوكم عن هذه المهمة الصعبة عليكم. فلم يعد الشاعر ذلك الفارس الوهمي الراكب على جواده الذي يخب في الفيافي ويأتي ليقف على قمة ويلقي بقصيدته العصماء على مسامع الناس في سوق عكاظ أو المربد، ولا هو ذلك المداح ذو الصوت المجلجل على المنبر الذي يجبر مستمعيه على التمايل مع إيقاعات قوافيه المدوية، بل أضحى ذلك المتأمل الذي يحاول أن يسبر اللغة ومعانيها إلى اكتشافات غير تقليدية تحترم عقل المتلقي ولا أقول السامع حسب وتفتح أمامه آفاقاً تخرج به عن آفاقه الرتيبة والمغلقة. هذا هو الشعر الذي لم تسمعوا به جيداً وهو لا يمكن له أن يعيش في أجوائكم هذه فكان لا بد له من أن يتسرب مثل ماء في غربال. إذا كنتم تريدون الافتخار بدعم الشعر والشعراء وتحترمون هيبة الثقافة والمثقفين فآتوهم بأجواء لائقة أو استريحوا في مقاعدكم فأنتم الطاعمون الكاسون.على الرغم من الحضور الطيب من الشعراء المميزين والأدباء والنقاد الجادين أُحمِّل فشل مشروع المربد التاسع هذا حسب أهمية المسؤولية إلى وزارة الثقافة واتحاد الأدباء والمحافظة أيضاً والجامعة. فها هي وزارة الثقافة تراكم المزيد من طيات الفشل لديها من الفشل في تقديم الكتاب العراقي والعربي والأجنبي للقارئ على الرغم مما لديها من مؤسسات كبيرة مثل دار الشؤون الثقافية المترامية الأطراف التي لا تطبع وتنشر إلا النزر اليسير من إبداعات كُتاب العراق، فضلاً عن العجز الكامل في توزيع المطبوع منها. ناهيك عن خمول المجلات التي تثقفت عليها أجيال عديدة من قبل كالأقلام والتراث الشعبي والثقافة الأجنبية والمورد التي صارت تصدر عن هذه الدار متعثرة وشبحية. أما دار المأمون ذات المائة مترجم أو أكثر فلا ينتج عنها من كتب غير كتب بعدد أصابع اليد ونسبة كبيرة منها لمترجم واحد، فضلاً عن مجلات سياحية سطحية من المفترض أنها تقدم الثقافة العراقية للأجانب باللغات الحية. وتجد التلكؤ نفسه في منشورات دار الأطفال ونشاطات السينما والمسرح التي يتراجع دورها التنويري وتندثر معالمها في بغداد والمحافظات بطريقة يشيب لها رأس الطفل.بودي أن أقترح على وزارة الثقافة تأجير بناياتها مفروشة أو عرضها للاستثمار التجاري فتوفر بذلك وارداً يغطي مصاريفها أو يزيد بدل ما تستهلكه من ميزانية الدولة، التي يقولون عنها شحيحة، والتي تذهب في أغلبها رواتب لجيش الموظفين وإيفادات للمسؤولين، أقول ليحولوا البنايات للاستثمار ليكمل بذلك الموظفون نومهم في بيوتهم بدل تلك الإغفاءات المتقطعة على المكاتب ويتوفر المال الكافي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram