ترجمة: عبد الخالق عليأخيراً وبعد عامين من الخلافات حول المخطط ينتصب اكبر الأبراج في لندن فوق المتنزه الاولمبي. انه برج (ارسيلور ميتال الفلكي) الذي كلما اقتربت منه أكثر زادت صعوبة فهمه. في شرق لندن يشمخ هذا النصب الذي يبلغ ارتفاعه 115 متراً من الحديد ذي اللون الأحمر الصارخ
المليء بالأضواء ليلا حيث يمكن مشاهدته من مسافة 10 كيلومترات. عند بلوغ مرحلة التنفيذ دعا الفنانان المبدعان آنيش كابور وسيسيل بالموند أكبر عدد من المواطنين لإبداء تعليقاتهم حول البرج. قال البعض إن النصب "جميل" بينما صرح آخرون بأنه "يوحي بالأنوثة" وقال غيرهم انه "هش" أما الباقون فقالوا انه "قبيح" و "غير متناسق" واعترضوا على لونه الأحمر. في اجتماع مفتوح حول التخطيط ، يستذكر احد مبدعي النصب (سيسيل بالموند) – الذي سبق أن خطط بعض الهياكل العالمية الإبداعية – كيف أنهما اعتقدا بان المشروع قد فشل "الناس تشتكي منه، يقولون انه غير جميل و لا نريده. لكن بعد ذلك جاء رأي آخر يقول إن بريطانيا تحتاج إلى شيء مختلف وجديد. كنت أقف في الخلف واستمع إلى آرائهم". في خضم ذلك الجدل الشعبي اعتاد الفنانان على توضيح أفكارهما للناس وعلى إجراء التصحيحات، كما واجها اهتمامات النقاد والمتحفظين بالإضافة الى موظفي الصحة والسلامة والمدافعين عن الإرث الواحد تلو الآخر. وبدلا من أن يسميانه برجا فقد كانا يرغبان أن يشيرا إليه على انه "أعلى نصب في المملكة المتحدة". ردا على الرأي القائل بان النصب لا علاقة له بلندن أو بالألعاب الاولمبية فقد زعما أن "البرج الفلكي سوف يكون له معنى خاص به" بعد انتهاء الاولمبياد . وعندما علّق المنتقدون بان اللون الأحمر لا ينسجم مع ما يحيط به وان النصب غير متناظر، زعم الفنانان أن المقصود من النصب ان يكون مرنا وغير مستقر . أولئك الذين يدافعون عن الأماكن السكنية الضيقة في المنطقة لم يشعروا بالقلق ، فالمستويات الواطئة من الضوء المسلط على النصب " لن يكون لها تأثير واضح على المجمعات السكنية في موقع الاولمبياد ولا على التجمعات البشرية في الشوارع القريبة".الفنانان المبدعان اللذان خططا البرج هما من سكان لندن، حيث ولد بالموند في كاندي – سريلانكا ، أما كابور فانه من مومباي – الهند .جاءا إلى لندن للدراسة ولم يغادراها منذ ذلك الوقت. كان طموح كابور في مراهقته ان يكون مهندسا ويبدو أن هذا المشروع يرضي طموحاته، يقول "سأظل اشعر وكأنني نملة في مستوطنة للنمل، وأتمنى أن أتسلق الأهرامات لأتحسس روعة وهيبة الهياكل التي يصنعها الإنسان". بوريس جونسون، عمدة لندن، لم يجد أفضل من هذا النصب عندما أعلن بان العمل قد بدأ في برجه القرمزي العظيم هذا عام 2010 ، يقول " لو انتصب هذا البرج منذ زمن بعيد لكان قد حيّر عقول الرومان و حجّم طموحات غوستاف ايفل. من المؤكد انه يستحق أن يكون الأفضل على وجه الأرض في أعظم مدينة على الأرض". بدأت القصة عندما التقى جونسون بأغنى رجل في بريطانيا، لاكشمي ميتال، في الحمّام خلال الندوة الاقتصادية العالمية في دافوس عام 2009 ، فانتهز الفرصة وسأله عن إمكانية تمويل رمز يدوم طويلا في لندن. يقول ميتال إن جونسون تمكن من إقناعه بسرعة،"انك أحيانا تسمع فكرة سرعان ما تستهويك". بعد ذلك بفترة قصيرة تعهّد ميتال بتخصيص مبلغ 17 مليون باون لمشروع كهذا، فما كان من جونسون إلا أن بعث برسالة يدعو فيها الفنانين و المعماريين من اجل ابتكار مشروع لصرف هذا المبلغ. يستذكر بالموند قائلا "دعاني آنيش في ذلك الصباح"، كان الاثنان صديقين منذ زمن طويل واشتركا في مشاريع مختلفة، وأراني نموذجا للبرج ثم سألني "هل رأيت مثل هذا؟ هل نشترك في عمله، انه ينافس برج ايفل". لا اعتقد أن أحدا يرفض ذلك، فاشتركنا في عمله. جلس كابور وبالموند يفكران بالطريقة التي سيبدآن بها. فكرا طويلا في برج ايفل وبرج تاتلين في روسيا الذي لم يتم بناؤه، وبرج بابل الشهير . ثم راحا يفكران بابتكار برج أسطوري بشكل جديد يختلف عما سبقه من أبراج. كان كابور يقول "كل الأبراج ترتفع للأعلى، لكن كيف نصنع شيئا يشذ عن هذه القاعدة"، ثم فكر بالموند بأن كل هيكل مرتفع يجب أن يكون له مركز وهذا ما نريد أن نبتعد عنه، ففكر بالفلك على سبيل المجاز. رسم مخططا لفلك ناقص على ورقة وقال "مدارات الكواكب هي أشياء عالية غير مستقرة تدور حول نفسها لكنها مستقرة من حيث أنها تتبع فلكا ثابتا، فرسمت مدارا يعود على نفسه لكنه يبقى يمس ذاته فكانت تلك هي الفكرة". كان المقرر أن يكون ارتفاع البرج 180 مترا تلتصق به الأرضيات المستوية. يقول بالموند "إحدى موظفات مكتب العمدة سألتني : هل تعرف الميزانية المخصصة للنصب؟ أنها 25 مليون باون. شعرت بالخيبة إذ أن المخطط الذي لدينا سيكلف
البرج الذي أثار جدلاً كثيراً فـي لندن
نشر في: 15 مايو, 2012: 07:24 م