هاشم العقابيحتى أريح بعض "المعجبين" بدولة القانون ممن حسبوا إعجابي بما تقدمه دول الغرب لشعوبها من امتيازات وخدمات، "كفرا"، ابدأ بالإفصاح عن إعجابي بدولة الإمارات العربية، فلعلهم يجدوني "مرتدا" هذه المرة. لقد عشت في هذه الدولة أكثر من عام ونصف ولم تمر علي ساعة واحدة بها لم تشعرني بانها دولة في خدمة مواطنيها بحق وان حكامها يحبون شعبهم بصدق. لن أتكلم عن الاعمار والتطور والرفاه الذي تشهده الامارات، بل ساقف عند مصطلح "مواطن" الذي يتردد فيها كثيرا.
فاطلاق صفة "مواطن" لا يعني ان الشخص اماراتي الجنسية، وحسب، بل يعني ان له من الحقوق ما يصعب حصرها. كلمة "مواطن" في القاموس الاماراتي تعني السعادة والامان والعيش الكريم والرغيد (انسان من الدرجة الاولى). وهكذا يجب ان يكون وضع الانسان في ظل الحكومات الوطنية. والوطنية تعني حب الوطن. وحب الوطن يعني حب الشعب اولا. ومن لا يحب شعبه لا يحب وطنه. والحب هو الحب لا يعبر عنه بالكلام بل بالفعل. وهكذا تراني احكم على الشيخ محمد راشد المكتوم بانه حاكم وطني. لانه عمّر دبي واهتم بها واسعد شعبها ولا يشغله شيء أكثر مما يشغله كيف يجعلها المدينة الأولى بالعالم من ناحية التطور والرقي. حب الوطن لا تعبر عنه الشعارات ولا الخطابات الرنانة. ولا هو حب عاطفي تكشفه الرسائل الغرامية والقصائد الرومانسية. حب تخبرك عنه الشوارع والخدمات ووجوه الشباب والأطفال والنساء والشيوخ وواجهات البيوت. فان وجدت شوارع بلد يغطيها التراب والقمامة وأطفالها يتسولون عند تقاطع الطرقات، ووجوه شبابها ونسائها متعبة وكأنها خرجت من القبور توا، فاعلم ان حكام ذلك البلد لا يحبون شعبهم. والعكس تماما صحيح.معادلة الحب هذه سيطرت على الكثير من افكاري في تقييم السياسيين اينما كانوا. فعندما حضرت الوفود العربية لمؤتمر بغداد كنت لا اهتم بكلماتهم بقدر ما اهتم بصورة البلد الذي جاءوا منه. فمثلا، عندما تمشى رئيس وزراء العراق مع امير الكويت كنت ارسم صورة لحال الكويت خلف اميرها وصوراً لحال بغداد ومدن عراقية أخرى خلف السيد المالكي. وهكذا كنت انظر لرئيس السودان وممثل الإمارات وغيرهم. ومن هنا كنت افرز الذي يحب بلده عن الذي لا يحب. انحني للمحبين، وأهز يدي مستهزئا بجرأة الذين لا يحبون بلدهم ويمتلكون لسانا طويلا يتحدثون به وفوق ذلك يرتدون بدلات أنيقة وربطات عنق ثمينة وتحيط بهم الحمايات وشلل المقربين.وهذه المعادلة، التي قد لا تروق "للبعض"، لا تحكم تقييمي للرؤساء والحكام والملوك، فقط، انما احكم بها أيضا على أعضاء مجلس النواب في اي بلد، خاصة العراق. فالنائب الذي يبكي على حال اهل كركوك مثلا، وهو من الناصرية، ولا يبكي حال اهل المدينة التي يمثلها في البرلمان، بعد ان اذيع بانها من اشد مدن العراق فقرا، لا اسخر به بل ارد عليه بطريقة عراقية معروفة اتحفظ هنا على البوح بها احتراما للقراء وليس له. السبب هو لأني أرى صورة الناصرية بدل العلم العراقي الذي يضعه خلفه. وهل هناك من يحترم "النادرة للناس خبكه البيتها"؟وهكذا عندما رد السيد ياسين المجيد، النائب عن مدينة العمارة، على السيد مسعود البارزاني، كان همي الاول هو ان ارسم صورة لمدينتي العمارة واربيل واحوال اهليهما وكأنهما واقفتان تتحدثان من خلف المجيد والبارزاني. غدا ساتحدث عمن يحق له الرد على من.
سلاما ياعراق :عن حب الوطن
نشر في: 15 مايو, 2012: 08:37 م