عباس الغالبيليعرف الرأي العام ان البنك المركزي العراقي في خطر بسبب السطوة الحكومية عليه ، في وقت ان جميع البنوك المركزية في العالم لا تخضع للسيطرة الحكومية إلا فيما يتعلق بعملية التنسيق بين السياستين المالية والنقدية. ويعرف الرأي العام جيداً ان السياسة النقدية في العراق تعد السياسة الوحيدة الناجحة من السياسات الاقتصادية بحكم معطيات الواقع المعيش وليس من سبيل التنظير أو الطوباوية الاقتصادية ، حيث شهدت السنوات الست الماضية استقراراً ملحوظاً ولافتاً للنظر في سعر صرف الدينار العراقي
اتجاه العملات الأجنبية ، وقد تحدثنا كثيراً بشأن هذا الموضوع في مقالات وأعمدة صحفية سابقة ، وقلنا ان السياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي العراقي أفضت الى هذا الاستقرار والذي انتهى الى انخفاض تدريجي في مستويات التضخم من 36% عام 2003 الى 2% نهاية عام 2010 ، فضلاً عن قدرة البنك المركزي على تمويل التجارة الخارجية من العملة الأجنبية ولاسيما الدولار الأمريكي عن طريق المزاد اليومي العلني الذي نظمه البنك المركزي واشرف عليه طيلة السنين السبعة الماضية .وهذه السياسة النقدية أنتجت احتياطيا نقديا أجنبيا تجاوز حاجز الـ 60 مليار دولار كغطاء للعملة المحلية التي أخذت شيئاً فشيئاً تتعافى وتعيد ثقة المستهلك بها كعملة قوية لها قيمتها النقدية كمنافس للعملة الأجنبية ولاسيما الدولار .ويقيناً أن هذه الأمور تحسب للبنك المركزي ، ومن يختلف معي ويدعي خلاف ذلك ، فأعتقد انه يجافي الحقيقة ولا يتعامل مع معطيات الواقع وإفرازاته الايجابية ، على الرغم من وجود ملاحظات على عمل البنك لكنها لا توازي النجاح الآخر ، مع الإشارة أنني ليس في معرض الدفاع المجرد الخالي من الحقائق العلمية والعملية عن مؤسسة اقتصادية مثل البنك المركزي العراقي ، ولكن ما يتعرض له المركزي من اتهامات وادعاءات وضغط يدعونا لان نضع الحقائق أمام الرأي العام ، حيث ان هذه النجاحات من الطبيعي ان تكون وراءها كوادر مهنية مقتدرة وكفوءة تقود هذه المؤسسة الاقتصادية الغاية في الأهمية ، حيث طالعتنا الأخبار أو كواليسها ان النية تتجه لإقالة محافظ البنك المركزي العراقي سنان الشبيبي ، بعد ان منع التمديد الثاني لنائبه مظهر محمد صالح بقرار حكومي من الامانة العامة لمجلس الوزراء ، وهاتان الكفاءتان هما مهندسا السياسة النقدية الناجحة في العراق ، والجميع يعرف امكانيتهما واستقلاليتهما ودورهما في ملف الديون وعلاقة العراق مع المنظمات الاقتصادية الدولية فضلاً عن سمعتهما الدولية في هذا الاتجاه .ولان الشبيبي وصالح أيضاً هما قامتان اقتصاديتان مهمتان في البلد ، نتحدث بهذه الصراحة ونقول ان العراق يتجه حالياً لإفراغ مؤسساته الاقتصادية من الكفاءات على قلتها وعلى هجرة وعدم عودة الكثير منها ممن يملؤون اصقاع الأرض .انتبهوا سادتي ، فإن البنك المركزي العراقي في خطر !
اقتصاديات :انتبهوا . . البنك المركزي
نشر في: 15 مايو, 2012: 08:50 م