علي حسينقد تبدو العودة إلى المبارزة الشهيرة بين نوري المالكي وصالح المطلك مطلوبة في هذا الوقت بالذات.. لأنها بالتأكيد ليست مقطوعة الصلة بسلسلة الأزمات السياسية التي سمع دويها العراقيون جميعا وذاق مرارتها بسطاء الناس. قبل أشهر عشنا جميعا حرب داحس والغبراء بين المالكي والمطلك، وهي الحرب التي تأججت بعد أن أطلق الأخير تصريحه الشهير الذي اتهم فيه المالكي بأنه دكتاتور.. وقد شهدت الساعات التالية لهذا التصريح تكثيفا لهجمات شنها أعضاء بارزون في دولة القانون
وطالبوا بأن يصلب المطلك في ساحة التحرير، وبدأت عمليات قنص وعمليات رد سريع من المطلك وحوارييه الذين زادوا لنا من الشعر بيتا حين قالوا إن المالكي أسوأ من صدام، حتى انتهى الأمر بأن اصدر المالكي قراره الشهير بمنع المطلك من دخول مجلس الوزراء. وسمعنا هتافات المقربين وهي تردد لا مؤتمر وطني ولا حوار إلا بعد اقتلاع المطلك من جذوره.. ولاحظنا كيف خرجت أصوات تندد بالشراكة الوطنية وتعلن بلا خجل أن لا مكان لكل من يتحدث بسوء عن المالكي.. ولم ينتظر المطلك طويلا قبل أن يطلق قذائفه باتجاه المالكي حين طالب باستبداله ولم ينس أن يذرف الدموع على الشعب المسكين الذي يعيش واقعا محزنا بسبب سياسة التسلط حسب قوله. الناس من جانبها كانت تعرف جيدا أبعاد اللعبة وتدرك أن معارك السياسيين هي من اجل مصالحهم الخاصة وليس من اجل مصلحة البلاد.. وان الامتيازات والمغانم والمناصب هي التي تحركهم. الناس البسطاء عادوا إلى أرشيف العام الماضي وتذكروا أن المطلك قال بينما تظاهرات الشباب تضرب بقوة، إن الحكومة جادة بتنفيذ وعودها تجاه الشعب. وها هي الأيام تمضي ومعها الشهور، كان فيها المطلك يواصل صولاته فيما المالكي مصرٌ على اجتثاثه مؤكدا، أن لا خيار أمام صالح المطلك سوى تقديم الاعتذار ثم الاستقالة.. وفجأة تستيقظ الناس على خبر يضاف إلى سلسلة الأخبار المسلية التي يتحفنا بها الساسة بين الحين والآخر فقد اكتشف المالكي أن المطلك اقرب إليه من حبل الوريد وان الخلاف بينهما سياسي ويحصل في أفضل العوائل.. وان الرجل يمكن له أن يعود إلى منصبه معززا مكرما. إذن نحن أمام سيرك سياسي جديد أبطاله سياسيون تركوا مشاكل البلد معلقة بلا حل، ليشغلوا أنفسهم ويشغلونا بمعارك جانبية، وليحولوا الممارسة الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب في النهاية شهادة لهذا البلد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، سيرك يقدم عروضا ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئا فشيئا من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة، ومن حوار يغني إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، اليوم نعيش أجواء ديمقراطية أضرت وتضر بالعراقيين جميعا، وسياسة تحولت خطابا طائفيا مقيتا، اليوم نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، مرحلة اشترك فيها الجميع في سرقة أحلام ومستقبل العراقيين، اليوم نعيش مع مجموعة سياسيين هم جميعا شركاء في خداع هذا الشعب وسرقة ثرواته وإثارة روح الانقسام الطائفي فيه، نعم هم شركاء في تفشي الانتهازية والمحسوبية والرشوة والتزوير، شركاء في دفع البلاد إلى هاوية الحرب الطائفية، شركاء في التخطيط لبناء دكتاتورية على أنقاض دكتاتورية صدام، ساسة لا يعترفون بالفشل ولا يعتذرون عن الخطأ ولا يدركون أنهم يدفعون بالبلاد إلى هاوية سحيقة. ساسة ومسؤولون بلا مقدرة ولا كفاءة ولا خيال، إلا خيال القتل والسرقة وإثارة الفتن والمحن. أعرف وكما يعرف ملايين العراقيين أن المصيبة فادحة، وأن ما جرى بحق هذه البلاد فوق الاحتمال، اليوم نتساءل هل نصدق المالكي أم نصدق صولات المطلك؟ سنكتشف ولو متأخرا إن ما جرى هو طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة؟ ولعلنا نتساءل ما الدور الجديد الذي سيقوم به المطلك؟، وما هو حجم الأموال التي ستسرق من ميزانية الدولة لتمنح للمطلك وغيره من اجل أن يناصروا المالكي في معاركه الجديدة؟.. ,والاهم هل سنستيقظ يوما لنرى صورة المطلك وهو يوزع الابتسامات وتحتها عنوان عريض يقول انتخبوا مرشح دولة القانون المناضل صالح المطلك فهو خير من يمثلكم؟!
العمود الثامن :صالح المطلك مرشح دولة القانون
نشر في: 15 مايو, 2012: 09:20 م