TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في ذكرى استشهاد قاسم عبد الامير عجام..عن المدى التي كانت بيت أخي القتيل

في ذكرى استشهاد قاسم عبد الامير عجام..عن المدى التي كانت بيت أخي القتيل

نشر في: 16 مايو, 2012: 06:30 م

علي عبد الأمير عجام* بلا أي مقدمات أطل عليكم ..ذلك أنني أرى أن لا حاجة لتمهيد يحاول تقريب ما أنا بصدد الثناء عليه.. فكرة الحرية  متمثلة بمن أصفه دائما نبراسي ومعلمي .. أخي ابن أمي وأبي قاسم عبد الأمير عجام الذي كان اغتياله ممراً لاغتيال ربيع العراق القصير.
الثناء هو بمعنى ما، التزام بالفكرة التي أفنى قاسم عبد الأمير عجام حياته من اجلها، فكرة الإخلاص لقيم العدل والخير والجمال.والكتابة هنا .. عرفان وثناء وغضب واحتجاج أيضا.. عرفان لكل من كتب كلمة بحق الكاتب والناقد والمفكر والعالم قاسم عبد الأمير عجام، وأدار ندوة ونظم أمسية عن سيرته وانجازه وفكره، عرفان بجهد زملاء من كتاب ومثقفين شهقوا ألما على اغتيال قاسم وصاحوا غاضبين أن الطلقة التي حفرت ثقبا في جبهته كانت إشارة الى حملة للنيل من رأس العراق وعقله، فالإثنين الأسود السابع عشر من أيار 2004، كان إعلانا عن حملة لتصفية علماء العراق ومثقفيه وكتابه وصحافييه، حملة تصفية لحراس الضمير العراقي، عرفان بجهد أصدقاء سعوا إلى بيت قاسم وأحاطوا أهله بفيض من محبة ورعاية، عرفان بوفائهم لمن كان سندا لهم ومعلما وباذلا وحلو معشر يأنسون بعذب كلامه وصافي حكمته، عرفان لجهد فكري عميق ومؤثر للناقدة والباحثة الدكتورة نادية العزاوي التي درست في الراحل بعضا من آثاره في كتاب حمل عنوان "القابض على الجمر".وهو أيضا عرفان لكتاب ومثقفين عراقيين أطلقوا من أقصى المنفى صرخات غضب مثلما سكبوا دمعا نبيلا، وعرفان لنظرائهم داخل الوطن ممن قالوا في الراحل كلمة حق، وهم في كل ذلك انتموا إلى أنفسهم وثقافتهم الوطنية ودافعوا عن حريتها ونددوا بكل أشكال القمع التي أرادت وتريد أن تحجر عليهم مرة أخرى، ومن هنا نجد أن عددا ممن استذكروا قاسم وكتبوا عنه اغتيلوا بطريقة ليست بعيدة عن الطريقة التي اغتيل بها .وهذا كتاب ثناء على سيرة عطرة وشخصية تحتذى بها، ليس لأن صاحبها هو أخي وحسب، بل لأنها سيرة نقاء وسط أجواء آسنة، سيرة محبة وسط أجواء متدفقة من الكراهية، سيرة عطاء ونكران للذات في زمن شيوع قيم الأنانية، سيرة حرية رغم جدران العبودية، سيرة علم ومعرفة، سيرة بناء في وقت منذور بالكامل للهدم، سيرة صبر ومجالدة، سيرة من ظل ينتمي لأفق فكري فسيح رغم عزلته المكانية والزمنية القسرية، سيرة من اجتمع الناس، وهم المتفرقون والمختلفون حد البلبلة، على محبته ونقائه وعفة لسانه ويد، سيرة شخصية تكاد تختصر في نهايتها سيرة العراق في سعيه إلى حريته.وهي كتابة غضب واحتجاج على كل مؤسسة ونظام ومجموعة عملت وخططت وسعت ونفذت مشروع اغتيال العراق الحر الآمن عبر قتل عقله وضميره وفكره وحراس روحه، عبر اغتيال المفكرين والكتاب والصحافيين والعلماء والمهندسين والأطباء في حملة دونها كل أوصاف الظلام والهمجية، مثلما هو كتاب غضب على كل جهة مسؤولة في العراق ممن قصّرت وتوانت وغضت النظر لا عن قتلة قاسم وحسب، بل عن عدم  وقفها أو عملها على وقف دولاب موت وقتل وحشي ما انفك يدور ويدور على مفكرين وعلماء وأدباء وأصحاب ضمير، حتى قارب ضحاياه الألف أو يزيد منذ العام 2003.ولأن الراحل فكرة وسيرة تنتميان بقوة إلى قيم الحياة المفتوحة على الأمل، آثرت الثناء على "المدى" ليس لأنها كانت بيته الشخصي حين ظل ينشر مقالاته وبحوثه في صفحاتها، بل لوفائها لفكرته- فكرتها، إذ واظبت على نشر ما كان أرسله إليها من مقالات وبحوث. هنا التحية واجبة مرة أخرى لصاحب "المدى" وناشرها، الأستاذ فخري كريم، مثلما هي لنبل محرريها الزملاء الاكارم: قاسم محمد عباس، عبد الزهرة زكي وعلاء المفرجي وغيرهم، الذين حرصوا على إيفاء الرجل بعض حقه، تقديرا لا لمأساته الشخصية مفكرا وإنسانا عبر اغتياله، بل لمعنى بات الراحل قاسم عجام دالا عليه، اغتيال الفكرة الخلاقة في عراق ما بعد العام 2003. فبعد اغتيال الناقد والمفكر والعالم عجام، انفتح مسلسل اغتيال العقل العراقي والذي لم ينته أو يوشك على الانتهاء حتى اليوم.وليس غريبا حين تكون "المدى" وفية لمن اختارها منبرا لأحلامه ورؤاه وأفكاره، أن تكون نقيضها في المواقف، المؤسسة الرسمية التي اغتيل قاسم عبد الأمير عجام بسبب عمله فيها مديرا عاما: وزارة الثقافة، فهي إذ تنفتح على أميين وقتلة وأدعياء ومنافقين وسراق، ترفض أن تعتبره  مستحقا لأبسط حقوقه الوظيفية حيالها، فيكون تجاهلها له نموذجا صارخا لمحنة المفكر والمثقف المستقل والنزيه في "العراق الجديد" الذي بات نهبا لبذاءات من كل نوع.*كاتب وصحافي مقيم في أميركا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram