طارق الجبوري ربما لأننا من جيل عاش أحلى إن لم نقل جل عمره يبحث عمن يطبق المبادئ على أرض الواقع، ترانا نبحث بين ركامات ما خلفته الأوضاع الجديدة لعراق ما بعد نيسان 2003 عن شيء يعيد لنا الثقة والأمل بأن سنوات العمر لم تذهب سدى فترانا نراقب بعين ما يقوله المسؤولون ونتابع نسب التنفيذ ونقارن بين التصريحات وما يطلق من شعارات و نسب التنفيذ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ولا أظننا نجافي الحقيقة ولا نكون منحازين إذا قلنا ومن خلال متابعتنا بحكم العمل الصحفي ما يجري في إقليم كردستان من أن هنالك حرصا على قلة الكلام وعدم إعطاء وعود يصعب تحقيقها، بل أن التقليد الذي صار معتاداً هو اكتفاء رئيس الحكومة بخطاب شامل في البرلمان الكردستاني خلال جلسة منح الثقة يحرص فيه على أن يقول إن عمله وخطط الحكومة الجديدة ستكون امتداداً لسابقاتها،بعدها يكون جل عمله مع وزرائه الانشغال بمتابعة ما قالوه أمام ممثلي الشعب، "فالمهم تطوير الثقة بين الحكومة والناس ". لا ننكر بأن لدينا مؤاخذات في صعوبة حصول مراسلينا في الأعم الاغلب على مقابلات حصرية مع مسؤولي الإقليم الذين اعتادوا الاكتفاء بما تبثه المواقع الرسمية من أخبار ونشاطات أو بمؤتمرات صحفية أحيانا، لكن حجم هذه المؤاخذات يقل عند حجم المنجز في الإقليم الذي هو ليس بالقليل بل كبير بشهادة منظمات وشخصيات دولية، والاهم أن رئيس الحكومة لا يبرر بل يقر بوجود حالات فساد و يدعو أعضاء البرلمان " بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والسياسية إلى مراقبة أعمال الحكومة وسير أعمالها " والاستعداد للمساءلة أمامهم.وبصراحة فإننا ونحن نقرأ نتائج اجتماع مجلس وزراء الإقليم الرابع خاصة في ما يتعلق بالقطاعين التربوي والصحي ومناقشة مشاكلهما بشكل مستفيض وتشكيل لجان لمتابعة تنفيذ مقررات المجلس بناء المدارس وتنفيذ تطوير " المستشفيات الحكومية لتكون موضع ثقة المواطنين بكل شرائحهم "، انتابتنا حالتان: الأولى زاخرة بالطمأنينة والثقة بتطبيق برنامج الحكومة الذي عرضت ملامحه العامة في البرلمان،والثاني قلق وخوف مشروعان من أن يؤدي تشكيل اللجان إلى عرقلة التنفيذ لأن تجاربنا مع اللجان في العراق مريرة حتى صار يقال من باب التندر إذا أردت أن لا تنفذ شيئاً فشكل لجنة!. قد لا يكون لخوفنا هذا من مبرر لكنه مع ذلك يبقى مشروعاً خاصة في ظل مرحلة صعبة نحتاج فيها إلى تعزيز سياج البيت الكردي بالمزيد من العلاقة الحميمة مع المواطن والتحسس بهمومه ومشاكله وهي ليست بالقليلة حتى في ظل التطور الكبير في مدن الإقليم الذي يعد تحدياً آخر يضاعف من حجم المسؤولية تجاه تلبية حاجات الناس التي تنوعت وازدادت، خاصة إزاء العوائل الفقيرة.صحيح أن ما تحقق في الإقليم من نهضة وعمران أكثر من بقية أنحاء العراق الأخرى، وصحيح أيضا أن حجم الفساد اقل لكن هذا لا ينبغي أن يدفعنا للخدر أو للتباطؤ، بل حافز لمزيد من العمل لخدمة المواطن على طريق تعميق التجربة الكردستانية وانطلاقها إلى أمام وهذا ما لا يتحقق دون علاقة صحيحة أساسها الثقة بين الحكومة والمواطن.
كردستانيات:الحكومة والمواطن
نشر في: 16 مايو, 2012: 07:46 م