عباس الغالبي تمر بعض المصارف الخاصة حالياً بمخاض عسير يكمن في مدى امكانياتها لرفع رأسمالها الى الحدود التي حددها البنك المركزي العراقي خلال ثلاث سنوات ، حيث يحاول البعض لملمة امكانياته للوصول الى الحدود الدنيا من مراحل رفع رأسمالها ، ويرى الكثير منها انها غير مناسبة وغير مواتية ويتذرع البعض الاخر باسباب ينحي باللائمة على البنك المركزي العراقي من دون ذكر مبررات واقعية.
وما زال المشهد المصرفي بشقيه العام والخاص يعاني من اختلالات بنيوية بحاجة الى اعادة هيكلة في كثير من مسارات العمل ، فلا يمكن ان نرى مصارف أهلية لا تؤدي سوى 9 خدمات ، فيما تتنافس المصارف الخاصة في بلدان العالم الاخر لتقديم ما يقرب من 80 خدمة مصرفية ، وبعضها تحول الى مجرد دكاكين صيرفة بسيطة لا تؤدي دوراً مالياً واقتصادياً مهماً ، ما جعل كثيرا من الخبراء يطالبون بدمج العديد من المصارف نظراً لهذا التراجع في الاداء ، فما قيمة حوالي 40 مصرفاً اهلياً لا تؤدي خدمات مصرفية يعتد بها ، في وقت أصبحت تستغيث من قلة الدعم الحكومي وعدم السماح لها بفتح خطابات الضمان وتحويل الاعتمادات المستندية لتمويل التجارة الخارجية ، وهي ما زالت تتكئ على امكانات متواضعة لا ترقى الى مستوى التعامل مع هكذا ادوار مصرفية ، وبودي ان أسأل هذه المصارف هل لديها مراسلون وخطوط ائتمان في دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية حتى يتسنى لها التعامل مع متطلبات التجارة الدولية في مناطق شتى من العالم، وهي لا تمتلك مراسلين في عمان وبيروت وبعض دول الخليج مثلاً ، لاسيما وان البعض من هذه المصارف تطلق على نفسها دولية .ارى من الاجدى ان تتجه هذه المصارف الى ترميم بيتها الداخلي ورفع رأسمالها وعدم المبالغة بمخاطر الائتمان ، وتقديم الخدمات الاخرى المطلوبة ، بدلاً من المطالبة بمهمات لا تتناسب وقدراتها ، ذلك ان معطيات الواقع الحالي تتحدث عن هذه الامكانات المتواضعة ، في وقت نتطلع لان يتخذ البنك المركزي العراقي كسلطة رقابية وتفتيشية على المصارف عددا من الاجراءات الكفيلة بدمج بعض المصارف المتهالكة أو الغاء اجازاتها ، حيث نرى ومن خلال التجربة الحالية للمصارف ان العبرة ليست بعددها الذي أخذ يدنو من 40 مصرفاً ، بقدر ما تؤديه هذه المصارف من خدمات تعكس مساهمتها الجادة في الاستثمار والتنمية فضلاً عن الخدمات المصرفية الاخرى المتعارف عليها .وفي الوقت الذي نرى فيه اهمية تفعيل دور القطاع الخاص ولاسيما في المنظومة المصرفية ، وكنا الى وقت قريب نطالب بدعم حكومي للمصارف الخاصة وعدم التركيز على شقيقتها الحكومية ، نؤكد ان بعض هذه المصارف والتي بنيت اساساً على انها مصارف عوائل ، ما زالت بعيدة عن المساهمة الجادة والفعلية والعملية في تنشيط الاقتصاد الوطني .
اقتصاديات :دكاكين صيرفة
نشر في: 19 مايو, 2012: 07:09 م