طارق الجبوريمع اشتداد موجة الحر وارتفاع درجاته بدأ العد العكسي لساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية في بغداد والمحافظات عدا إقليم كردستان،ومن الطبيعي أن تولّد هذه الحالة شعوراً بالمرارة ومضاعفة المعاناة خاصة للطلبة وهم يؤدون امتحاناتهم النهائية، دون أن نسمع من مشرفي أو معدي نشرة الكهرباء الإخبارية
التي يقال إنها تكلف ملايين الدولارات، شيئاً يبعث الأمل أو الطمأنينة، في حل صحيح للغز الكهرباء المحير رغم كل الأموال الباهظة التي صرفت على هذا القطاع وضاعت هدراً، في حين تمكنت وزارة الكهرباء الكردستانية من التخلص من هذه الأزمة بل أصبح بمقدورها تجهيز مناطق في كركوك والموصل بها.حديث المواطنين عن هذه المشكلة طويل ومتشعب وأغلبه يدور بشأن مافيات فساد لم تجد من يردعها، رغم تصريحات اللجنة البرلمانية المتخصصة بفتح ملف الطاقة، وأول من أمس الجمعة كنت في زيارة إلى محافظة الديوانية ولم ينفك مضيّفنا عن إبداء الأسف والاعتذار بسبب عدم توفر الكهرباء وحرارة الجو التي لم تسعفها ما توفره المولدة الصغيرة من طاقة لاتكفي إلا لتشغيل مبردة هواء ومروحة واستغربت هذا الوضع فتساءلت عن سبب عدم تشغيل محطة كهرباء نفذت حديثاً كنا قد مررنا بها، فانفتحت قريحة الجالسين في شرح الأزمة،حيث قال أحدهم:يشاع أن السبب هو سرقة " كارتات تشغيل المحطة " ما يعني مفاتحة الشركة المنفذة وربما تنظيم عقود جديدة لاستيرادها، وزاد آخر أن هنالك مولدات عملاقة تكفي لسد احتياجات المحافظة ولكنهم يقولون إنها تصرف الكثير من الوقود،واستعرض آخرون تجربة كردستان في مجال الكهرباء وما لاحظوه من فرق كبير وواضح عما كانت عليه منذ سنوات ليس على صعيد المدن فقط بل حتى في القرى والمناطق البعيدة التي أدرجت ضمن خطة تبدأ بتجهيزها بالكهرباء من خلال مولدات لحين تأمين الطاقة الكهربائية من مصادرها الاعتيادية،أي ما نطلق عليه في بغداد بـ " الوطنية". كان الحديث عفوياً وبسيطاً ومن القلب وبالفطرة , فالمدعوون من شرائح بسيطة ومتنوعة فكان منهم الموظف والمزارع وعامل البناء وطالب حوزة،بل أن عدداً منهم لم تتطابق رؤاه مع بعض مواقف مسؤولي الإقليم السياسية لكنهم أكدوا أنه ليس من الممكن التغاضي عن نهضة كردستان وعمرانها وهو شيء يستحق الإشادة والتقدير بل أن طالب الحوزة قال: ما دام ليس هنالك من مسؤول ينكر ذاته ويرتفع فوق مصالحه الحزبية والعائلية، ومادام البعض يتاجر بالدين ويخلطه بشكل مشوّه بالسياسة فلن ينصلح حالنا، وأضاف قد أكون معارضاً لآراء الإقليم ولكنني كلما زرت أربيل أو السليمانية أو دهوك أجد شيئاً جديداً فيها وهنالك خطة وسعي لتكون هذه المنطقة نموذجاً لبقية المحافظات، نعم قد نختلف معهم في بعض القضايا ولكن هذا يجب أن لا يمنعنا من الاستفادة من تجربتهم. ما قاله مضيّفونا من أهل الديوانية شهادة صادقة للإقليم، لكنها في نفس الوقت تضع أمام مسؤوليها تحدياً آخر للارتقاء بالخدمات لتشمل كل مناطق كردستان خاصة النائية منها.
كردستانيات: شهادة صدق وتحدّ
نشر في: 19 مايو, 2012: 08:22 م