حازم مبيضين تتذرع حركة حماس بتأجيل بحث تقرير غلادستون،للتنصل من توقيع اتفاق المصالحة الوطنية،الذي تسعى القاهرة لإنجازه منذ عدة شهور، وتعلن على لسان رئيس مكتبها السياسي أن ذلك أفسد وسمم الأجواء، وشكل حالة غضب، ﻻ يمكن في ظلها أن تعقد جلسة المصالحة، التي كانت مقررة في ٢٥ من الشهر الجاري،
وفي الحقيقة أن المصالحة بين فتح وحماس، باتت اليوم أبعد من أي وقت مضى،في ظل محاولة كل طرف نزع شرعية اﻵخر، وواضح أن الأمور تتجه نحو تباعد أكثر بين الحركتين، في ظل المخاوف من اتساع الفجوة التي تحرص إسرائيل على تعميقها، وللأسف في ظل ارتياح بعض الدول العربية،من استمرار الانقسام الذي يعفيها من مسؤولياتها.واضح أن تأجيل بحث تقرير غلادستون،الذي كانت حماس رفضته بضراوة فور إعلانه يمثل طاقة الفرج لها للتنصل من المصالحة، والتمسك بسيطرتها على قطاع غزة،وربما للتهرب من الاستحقاق الانتخابي، الذي تخشى أن تفقد فيه أغلبيتها في المجلس التشريعي، بعد أن وحد الفتحاويون صفوفهم في مؤتمرهم الأخير، وبعد أن وصل المواطن الفلسطيني إلى قناعة بان رفض المصالحة، يعني بالدرجة الأولى الإصرار على تكريس الانقسام، وهو ما ﻻ يخدم قضيته وحقوقه العادلة، وبعد أن تيقن أن المماطلة ستفضي إلى فقدان الشرعية لدى الحركتين، وبما يزيد الأمر تعقيداً ويفتح الباب على مصراعيه للتناحر بشأن من يمثل الشعب الفلسطيني، بعد أن ظل موارباً منذ انقلاب غزة.مصر التي لم تعتمد التصريحات الإعلامية أمهلت حماس ٤٨ ساعة، لتقديم ردها النهائي على ورقتها للمصالحة، كما قدمت للرئيس الفلسطيني محمود عباس ورقة جديدة تنص على توقيع اتفاق المصالحة قبل الموعد الذي كان مقررا للاحتفال بالتوقيع، وفي الأثناء تناقلت الأنباء أن السلطة باشرت الاستعداد للعودة إلى القطاع وهي في هذا الإطار بدأت بتهيئة ثلاثة آلاف عنصر للعمل في أجهزة أمن في غزة، في إطار عودة الشرعية فور توقيع اتفاق المصالحة، ويعني ذلك أن فتح ومنظمة التحرير والسلطة تنظر بإيجابية إلى الورقة المصرية، وأنها مع تقديم موعد التوقيع، بغض النظر عن الاحتفال بذلك.مهما علت الأصوات،على خلفية تقرير غلادستون، الذي نعرف أن حماس سعيدة بعدم بحثه،لأنه يدينها بقدر ما يدين إسرائيل وأكثر، ومهما عبثت بعض الفضائيات المشبوهة بمشاعر الفلسطينيين اليوم، فان التاريخ لن يرحم من تسبب بانقسام الساحة الفلسطينية، ولن يرحم من يرفض المصالحة الوطنية،ولن يرحم الذين يوظفون قضيتهم المقدسة لمصلحة هذا الطرف الإقليمي أو ذاك، وسيكون على الذين يناورون خارج إطار المصلحة الوطنية العليا أن ينتظروا شطب أسمائهم من قاموس القضية،إلا باعتبارهم تآمروا عليها، وهم يرفعون شعارات فارغة عن مواقفهم الإيجابية، وإذا كنا نعرف أن عش الدبابير مفتوح اليوم على السلطة وقناعاتها، فاننا نعرف أيضاً أن حفلات الزار والدروشة لا تنتهي بغير تصبب العرق من القائمين عليها وإصابة بعضهم بالإغماء.
خارج الحدود: لمصلحة من التنصل من المصالحة؟
نشر في: 13 أكتوبر, 2009: 06:40 م