بغداد/ أحمد عبد الحسينأعلن أطباء في مستشفى الصدر "القادسية سابقاً" في مدينة الصدر ببغداد إضراباً مفتوحاً عن إجراء العمليات "الباردة" إلى أن تتدخل الدولة لحمايتهم من سطوة أفراد العشائر الذين يهددون هؤلاء الأطباء في حال وفاة أحد المرضى.
وجاء هذا الإضراب على خلفية وفاة رجل مسنّ كان يرقد في المستشفى المذكور، حيث جاء بعض أبناء عشيرة المتوفى إلى المستشفى وسألوا عن الطبيب الجراح الذي كان يعالج مريضهم، وبعد أن عرفوا اسم الطبيب ذهبوا إلى بيته وأعطوه "عطوة"، أي مهلة زمنية ريثما يدفع جزية موت الرجل، وإلا سيقومون باتخاذ الإجراءات المتبعة لدى العشائر حين يُقتل أحد أفرادها.وقال الدكتور فاضل اللامي وهو الطبيب الذي أجرى العملية والمهدّد الآن من قبل عشيرة المتوفّى انه قد أوصى بتحويل المريض إلى مدينة الطبّ مضيفاً "قلت لهم ان في مدينة الطبّ أجهزة ضرورية لعلاجه لا نملكها في مستشفى الصدر، لكنّ أهل المريض رفضوا بإصرار وتحدٍّ، رغم إني واصلت متابعة حالة المريض حتى في أيام إجازتي، إلى أن وافقوا أخيراً على نقله إلى مدينة الطبّ". وعن أسباب رفض أهالي المريض نقله إلى مستشفى آخر، قال اللامي "لا أرى أي سبب آخر سوى توقعهم موته لأنه شيخ مسنّ وربما أرادوا أن يرثوه وأن يلجأوا لهذا التقليد العشائريّ بحقّ الطبيب ليحصلوا على ملايين أخرى تضاف إلى إرث المتوفى رحمه الله". واستغرب اللاميّ مقاضاته عشائرياً لأنه أوصى بتحويل المريض إلى مستشفى أفضل، في الوقت الذي كان عليهم "إذا كان هناك داعٍ للمقاضاة من أساس" أن يقاضوا المستشفى الذي توفي فيه مريضهم.الطبيب ستار العنزيّ وجه عبر (المدى) نداء للحكومة ممثلة بوزارتي الطبّ والداخلية ولوسائل الإعلام للعمل على عقد مؤتمر موسع لشيوخ العشائر الغرض منه سنّ قوانين عشائرية جديدة لا تجرّم أو تحاسب الطبيب إثر موت مريض ما، "لأن الطبيب ليس إنساناً آلياً وهو ليس كلّي القدرة، وهناك حالات لا يملك فيها الطبّ إلا أن يقف عاجزاً فلماذا يتوقعون من الطبيب أن يفعل المعجزات؟" وشدد العنزي على أن تدعو الحكومة شيوخ العشائر إلى عدم التدخل في عمل الكوادر الطبية وعدم تهديدهم، وأن يصار إلى توقيع ميثاق مكتوب من قبل هؤلاء الشيوخ يقضي بذلك" مضيفاً "أن هناك إجراءات قانونية تتخذ بحق الطبيب المقصّر من قبل لجان تحقيق في كلّ مستشفى، وهو الأمر المتّبع في العراق كما في سائر دول العالم، وأننا في العادة نأخذ تعهداً من قبل ذوي المريض على إجراء العملية، لكنّ بعض هؤلاء لا يعترفون بقانون أو تعهد بل بأعرافهم العشائرية وحدها". وقال مواطنون للمدى إن الحكومة بدعمها العشائر لبسط سلطتها وتحقيق مكاسب لها، سمحتْ بتوسيع رقعة نفوذ هذه العشائر وفرض قوانينها الخاصة، ضاربة القانون عرض الحائط ومعرّضة الأطباء إلى تهديد حقيقيّ من الناحيتين الجسدية والمعنوية، وهذا أحد أسباب هجرة أطباء العراق إلى الدول الأخرى أو إلى إقليم كردستان.إضراب أطباء مستشفى الصدر سيدخل أسبوعه الثاني وهم يستغربون الصمت الحكوميّ والإعلاميّ المطبق حيال قضيتهم، وقد أعلنوا أنهم في حال استمرّتْ هذه اللامبالاة الرسمية فإنهم سيلجأون لمغادرة العراق والبحث عن عيشهم الكريم في دولة ذات قانون متحضر، أسوة بمن سبقهم من زملائهم الذين غادروا من قبل بسبب هذا العرف العشائريّ المدعوم رسمياً.
أطباء مستشفى الصدر يضربون عن العمل خوفاً من سطوة العشائر!
نشر في: 19 مايو, 2012: 09:31 م