TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قطع سكنية للنواب الفقراء!

قطع سكنية للنواب الفقراء!

نشر في: 20 مايو, 2012: 07:07 م

علي حسين عبيدمرة أخرى يُبدع البرلماني العراقي في فضيحة طازجة، بعد أن طوى صفحة السيارات المصفحة (بنجاح) يُحسَد عليه، هذه المرة تخرج علينا قريحة البرلمانيين بصرعة جديدة، وهي مطالبتهم بتخصيص قطع أراض سكنية للبرلمانيين، نظرا لتدني رواتبهم ومخصصاتهم ورواتب حماياتهم، الأمر الذي قد يجعلهم يعيشون تحت خط الفقر، كما هو الحال مع النسبة التي ذكرتها وزارة التخطيط العراقية قبل أسابيع والبالغة (23%) من الشعب العراقي.
وقد يقول قائل ليس جميع النواب يتفقون على هذا المطلب، وجوابنا سيكون، النسبة الغالبة منهم، وهذا يؤكد وجود السمة البرلمانية الجماعية لهذا الطلب، ثم قد يقول قائل إن نائب البرلمان مواطن عراقي ومن حقه الحصول على قطعة ارض سكنية من دولته، وهو أمر صحيح لا نختلف معه، لكنه يثير التساؤلات التالية، هل النواب العراقيين لا يملكون بيوتا أو (قصورا) للسكن؟؟ وهل رواتبهم متدنية فعلا، وهل يعيش قسم منهم في الأراضي المحوسَمة (التجاوز)؟ إذا كانت الإجابة نعم بالدلائل القاطعة، فإن الشعب العراقي سيكون أول من يعطي إمضاءه على منحهم هذه الأراضي، ولكن إذا كانت ملايين الدولارات تلعب بين يدي النائب، ويسكن الفلل المكيّفة، ويملك أكثر من قطعة أو بيت، هل يحق له أن يطالب دولته العراقية بقطعة أرض، لاسيما أن آلاف العوائل في معظم مدن العراق تسكن في بيوت من صفيح أو من طين أو من طابوق تالف، ربما يسقط على رؤوسهم في أية لحظة؟! إنها لقسمة ضيزى أيها السادة النواب، وقد يجدي نفعا معكم، أن نذكركم بالمبدأ الاقتصادي العظيم للإمام علي عليه السلام والقائم على توزيع أموال الناس في بيت المال بالتساوي بين مواطنيه، وحين جاءت قريبة الإمام وخادمتها، حصلتا على المبلغ نفسه، فاحتجّت قريبة الإمام لديه قائلة باستغراب: أتساوي بيني وبين خادمتي؟؟  لكن أمر المساواة كان حاسما، وليس هناك فرق بين غني وفقير، أو قوي وضعيف، أو نائب ومواطن عادي، وربما تفيد السادة النواب، قصة أخت الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله الذي مات وهو مدين بمبلغ عدة دنانير لمديرية البرق والهاتف، ولا يملك بيتا، فحين جاءت له أخته وهو يُعدّ أعلى رجل في السلطة، وطلبت منه قطعة أرض أو بيتا سكنيا، فردّها على أعقابها قائلا لها، عندما تتحول جميع صرائف الفقراء إلى بيوت سكنية لائقة، عند ذاك ستحصلين على حقك السكني كغيرك من المواطنين!هذه الأمثلة باتت بالنسبة للبرلمانيين الأغنياء، لاتعدو كونها كلمات مثالية، يطيب بها السمع ويتغنى بها القلب، ويرددها اللسان بتباهٍ وعرفان كأي شيء كمالي أو جمالي لتزيين الذات من الخارج، أما الجوهر فبات خرابا في خراب، لأن هذه الجمل والقصص والمفردات لم تعد تنفع مع الواقع العراقي أو ربما العالمي، حيث تُسحَق القيم والشهامة والرحمة تحت أقدام الأغنياء الأقوياء ومنهم بطبيعة الحال، نواب البرلمان، وهم ممثلو شعبنا الذين تحيط بهم قائمة كبيرة من الأخطاء، والفشل الذريع الذي يتمثل بتذويب البطاقة التموينية وترشق سلة الغذاء، وتسرّب آلاف الأطفال والمراهقين خارج المدارس، وانحراف آلاف الشباب، ومعاناة مئات الآلاف من المطلقات والأرامل، وتدنّي رواتب المتقاعدين وغيرهم، ناهيك عن ضعف القدرة الشرائية  عند متوسط الدخل للفرد العراقي، أما إذا تحدثنا عن الفشل في مكافحة الفساد وسرقة المال العام، وتشريع القوانين المهمة التي تهم مصلحة المواطن وحياته، فحدّث ولا حرج، وبعد هذا كله وسواه من العيوب تتفتق قريحة النائب العراقي بفضيحة من العيار الثقيل، ألا وهي فضيحة المطالبة بأراض سكنية، أسوة بالوزراء!! ويا لها من أسوة...ختاماً نقول،، يكفي فضائح أيها النواب، فالملايين التي تحصلون عليها آنياً وبعد (التقاعد) يمكنها أن تخفف من شراهتكم، وتهدّئ من روعكم ونفوسكم، فأنتم في جميع الأحوال ستذهبون إلى الله بأجسادكم فقط، فرادى، لا مال ولا بنون، ولا كنوز، ولا بيوت، ولا أرصدة، ولا سيارات مدرعة أو عادية، وقد يظهر الآن أحدهم ليقول ،ها أننا عدنا إلى لغة المثاليات،، وسنقول له ولمن هو على شاكلته، نعم هذه اللغة هي التي ستسود آخيراً، وكلنا إلى غد أفضل ناطرون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram