بابل / ساجدة ناهي- حيدر الحيدريهل أن زمن المعجزات عاد من جديد ليظهر من يقول إن هناك من يكلم الناس في المهد، ليتحول بين ليلة وضحاها إلى عيسى (ع) الألفية الجديد، ولتتناقض من بعده المعلومات، أنه الطفل المعجزة الذي ولد ليحذر الناس من مرض الوقاية منه لا تكون بغير الحناء، ثم فارق الحياة.
هناك من يقول أنه ولد في كربلاء وغيره يؤكد أنه من مدينة الصدر، وروايات تتحدث عن أنه عاش لدقائق معدودة بعدد الكلمات التي نطقها ثم توفي، وغيرها تحدد عمره بساعتين، ثم تتزايد الساعات لتصل إلى اليومين. وثمة رواية تقول إنه ولد وتوفي بعد ساعات، وسوف يخرج من قبره لينشر الوباء بين الأطفال بمساعدة إحدى العواصف الترابية.ما أن انطلقت شائعة هذا الطفل المجهول، حتى انتشرت بسرعة البرق وغيرت معها حال الحناء، إذ أصبح اسم كيس الحناء (حجي حنة) في إشارة إلى أهميته، فضلا عن سعره الذي قفز من ألفي دينار إلى خمسة آلاف دينار.العديد من العوائل دخلت حالة الإنذار وهبت إلى الأسواق للفوز بكيس من الحناء لتخضب بها رؤوس الأطفال وأيديهم وأقدامهم.هذه الشائعة لم تقف عند حدود محافظة معينة فقد انتشرت في بغداد وغيرها من المحافظات، بل غادرت العراق لتحط رحالها في أوروبا، إذ أن إحدى الأمهات اتصلت بأقارب لها في ألمانيا لتحذيرهم إلا أنها اكتشفت أن هناك من سبقها وأبلغهم.راحة نفسيةأم فاطمة تفسر الأمر أن للشائعة علاقة بالنجمة (أم ذويل)، وهو اسم يطلقه الأهالي على النجم المذنب الذي يمر كل عشر سنوات.إذ تقول أم فاطمة لـ"المدى": إن هذه النجمة ظهرت أو ستظهر خلال العام الحالي، مؤكدة أن (أم ذويل) حينما ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي جلبت معها الكثير من الكوارث وألقت الرعب في قلوب العراقيين بصورة خاصة، "واعتقد أن سبب ما يمر به العراق الآن من هزات أرضية وأحوال جوية سيئة مرتبطة بأم ذويل"، على حد قولها.أم فاطمة وبالرغم من أنها معلمة، إلا أنها وضعت الحناء على رأسها وربطته بخرقة قماش، فيما تركت الحناء على شعر ابنتها ذات الأربع سنوات لتجف في الهواء، كما لم يسلم ولدها ذو السنتين من كمية من الحناء خضبت بها شعره.وبينت "ليس الأطفال وحدهم سيضعون الحناء بل حتى الرجال سيكونون مجبرين على تخضيب رؤوسهم بها بعد أن استمعوا إلى فتاوى بعض رجال الدين المشجعة على مثل هذه الممارسة"، مضيفة "نحن نخاف على أطفالنا وأنفسنا، كما أن أجواء البلاد ملوثة أصلا والأمراض لدينا تتحجج علينا"، بحسب تعبيرها.واختتمت بالقول: "الحذر يبعد عنك الخطر، ونحن فعلنا ذلك لنرتاح نفسيا ويهجرنا الوسواس إلى غير رجعة".علامات الساعةالبعض ربط هذه الشائعات بالأحوال الجوية السيئة في البلاد، إذ تقول أم علاء، وهي زوجة لطبيب: "لماذا نستبعد حقيقة مثل هذه الشائعات، لا يوجد دخان من غير نار، فلابد أن يكون لهذه الشائعة نسبة من الصحة، خاصة وأنها تزامنت مع الظروف الجوية السيئة والعواصف الترابية ما انفكت تعصف بالبلاد بصورة يوميه تقريبا".وأضافت "كما أن الظاهرة السماوية أو المخوف السماوي الذي شهدته محافظتا بابل والنجف حيث تخضبت فيهما السماء بألوان مخيفة في عز الظهيرة وهو اللون البرتقالي الغامق والبنفسجي الغامق والأسود القاتم، وما رافقه من أمطار غزيرة إلى جانب الهزات الأرضية التي ضربت مناطق شرق العراق في محافظتي ميسان وواسط".وخلصت "اعتقد أن هذه الظواهر بمجموعها هي من علامات قيام الساعة فليس ببعيد عن الله عز وجل أن يرسل للناس إشارات ويجعل طفلا يتكلم في المهد ليحذر الناس من وباء محتمل".أم ذويلبعض النساء بالغن في خوفهن، إذ قمن بتكليف أحد أطفالهن بتوزيع الحناء على بيوت الجيران كثواب على أرواح الموتى خشية من وجود أم لم تسمع بالوباء القادم، أم عباس وهي شابة لديها طفلان فقط تقول: إن جميع أطفال المدرسة التي فيها ابني خضبت رؤوسهم عن بكرة أبيهم بالحناء.وتشير إلى أن الشائعة حددت أعمار الأطفال الواجب تخضيبهم بالحناء بين 12 - 15 سنة فما دون، "وهناك أقاويل تؤكد أن النجمة (أم ذويل) تبرزت في الناصرية، وهذا يعني وحسب رأي بعض الجاهلات أنه فأل سيئ".حنان الأم وخوفها على أطفالها دفعت بعض الأزواج إلى الرضوخ لطلب زوجاتهم رغم عدم قناعتهم بالموضوع متخذين شعار (مجبرا أخاك لا بطل) ذريعة أمام توسلات بعض النساء ودموعهن.سيد معين صاحب محل تجاري يقول لـ"المدى": إن موضوع الحناء "سخرية وضحك على الذقون وكل من يصدق هذه الشائعة متخلف وأسمح لنفسي أصفه بأنه غير ملتزم دينيا وهذه ليست المرة الأولى التي سمعنا فيها مثل هذه الشائعات".وبين أنه "سبقت هذه الشائعة حكاية (الماش) الذي يشفي من مرض انفلوانزا الخنازير ونفذ الماش في حينها من الأسواق لذا فأن المستفيد الوحيد من هذه الشائعات هم التجار فقط".في حين أكد رجل الدين السيد حميد الطالقاني لـ"المدى"، أن الموضوع برمته هو دعاية لا غير ولهذه الدعاية مروجيها الذين وصفهم بالخارجين عن الدين.فيما نفى مصدر في مستشفى النسائية والتوليد في كربلاء حصول أية حالة ولادة لطفل تحدث وهو بعمر ساعتين كما يتداولها أهالي ا
الحناء بين (أم ذويل) والعواصف الترابية وأقاويل تقض مضاجع الأمهات

نشر في: 20 مايو, 2012: 07:35 م