علي حسين سأستعير عنوان مقال للزميل محمد عبد الجبار الشبوط كتبه 12/6/2011 تحت عنوان "العراقية خارج التغطية" وفيه وجّه زميلنا سهام نقده لأداء قناة العراقية لأنها خسرت مشاهديها بسبب انحيازها للحكومة.. كان المقال في حينه يعبر عن وجهة نظر مهنية تنتقد أداء جهاز إعلامي من المفترض انه يتبع مجلس النواب، إلا أن الحكومة وبلعبة شطارة وضعته في جيب سترتها الأيمن. في المقال اطلعنا على رأي جريء يتهم "العراقية" بأنها تتعامل مع الحدث الساخن بطريقة باردة دفعت بكاتبه أن يقول وبالحرف الواحد
"إلا «العراقية»، التي يؤسفني القول إنها كانت خارج التغطية"!بالأمس أصبت بخيبة أمل مضاعفة، الأولى وأنا أتابع التغطية الإخبارية التي قدمتها القناة لاجتماع القادة السياسيين في النجف، حيث أصرت على أن تتجاهل الحدث على اعتبار انه شأن خارجي لا يخص أحدا في العراق، مصرة على أن تقدم صورة باهتة لما حصل في الوقت الذي أفردت جميع القنوات المحلية والعربية مساحات واسعة لهذا الاجتماع، والثانية وأنا استعيد في ذهني سطوراً من مقال الزميل الشبوط الذي يحتل اليوم الموقع القيادي في نفس القناة التي وجه إليها سهام النقد قبل عام.. فما الذي تغيّر؟ طبعا أنا تفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها المسؤولون في هذه القناة، ولكن الذي لا افهمه أن يكرر السيد الشبوط الخطأ نفسه الذي انتقده في مقالته السابقة. اعرف أن تدخُّل الحكومة في كل صغيرة وكبيرة.. أصبح كأنه قدر مكتوب، والرضا بالمكتوب صفة من صفات العراقي الصبور.. رضينا وصبرنا على فساد مسؤولين حكوميين كبار وتلاعبهم بأموال طائلة من دون وجه حق، رضينا بانعدام الخدمات في كل أمور حياتنا لان الحكومة لا طاقة لها بـ(تكفلنا) أكثر من هذا، رضينا بالكثير ولا داعي لزيادة اللف والدوران في هذا الموضوع حتى لا نصبح مثل (النادبات على القبور).. ولكن في المقابل عندما تصر مؤسسة إعلامية بحجم العراقية على الإذعان لتوجهات الحكومة تطبيقا للمقولة الشهيرة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) فان الأمر يصبح نكتة. وحتى لا نكون متجنين على هذه القناة التي نأمل أن تكون قناة العراقيين جميعا، تعالوا معنا لنقرأ فقرات من القانون الذي تأسست بموجبه شبكة الإعلام العراقي.. تندرج شبكة الإعلام العراقي، بالمعايير الدولية، تحت عنوان البث العام الذي يعرف بأنه ذلك البث الموجه إلى العامة، والممول من قبل العامة، والذي يدار من قبل العامة. وقد اخذ الدستور العراقي الدائم بهذه الفكرة فجعل شبكة الإعلام العراقي من الهيئات المستقلة المرتبطة بمجلس النواب، وهو الهيئة الدستورية التي تمثل العامة، وأخرجها من الارتباط بالحكومة، والخضوع لها. وتعني عبارة البث العام (البث والإرسال بموجب التزام قانوني للترفيه عن جميع شرائح المجتمع العراقي وتثقيفه وتقديم المعلومات له عن مجموعة عريضة من القضايا المتنوعة والتطورات والأحداث والظواهر داخل البلاد وخارجها). ويشمل هذا، على سبيل المثال لا الحصر، (تأمين النقاش المفتوح والحر حول قضايا تهم الجميع وتعزيز المجتمع المدني وتشجيع قدرات الإبداع المحلية وتمثيل حاجات الجمهور العام).عندما ألغوا وزارة إعلام الصحاف استبشرنا خيرا وقلنا إن ساعة فطام العراقيين قد حانت، وأننا أخيرا التحقنا بركب الدول العاقلة وتجاوزنا نزق الإرشاد والتوجيه، إلى مرحلة من النضج يكون فيها الإعلام هو إعلام المواطن وليس إعلام النظام، لكن يبدو ان البعض لا يستطيع أن يعيش دون اعلام حكومي ينقل من خلاله بياناته وخطبة فأعاد إلى الحياة وزارة الإعلام تحت مسمى جديد أطلق عليه شبكة الاعلام العراقي، ولكي يمرروا هذه الخطوة أشاعوا أنهم منحوا لهذه الشبكة استقلاليتها، بينما الواقع يقول إننا نعيد إنتاج وزارة إعلام جديدة شعارها: "لا أرى.. لا أسمع لكني أتكلم". لقد مرت الآن شهور على تعيين السيد محمد عبد الجبار الشبوط الذي مازلنا نعتقد حتى هذه اللحظة انه قادم من أجل إصلاح الآلة الإعلامية ووضعها على الطريق الصحيح كي تصبح جاهزة للانطلاق والمنافسة بعيدا عن حضانة الحكومة، غير أن الوقائع والايام تثبت أن "العراقية" تمر بحالة تراجع ونكوص شديدة.
العمود الثامن:"العراقية خارج التغطية"!!
نشر في: 20 مايو, 2012: 08:38 م