أشياء كثيرة اندثرت ونامت أو ذبلت تحت سقف النسيان وأجمل تلك الأشياء جماليات إبداعنا في المسرح والموسيقى والشعر بخاصة، حتى أننا لم نجد الوقت الكافي لتشييع انجازاتنا القديمة ولم نجد الزمن المناسب للبكاء عليها وذرف الدموع على أطلالها بعد أن صار تشييع الشهداء وإقامة الفاتحة عليهم "جريمة" يحاسب عليها قانون طوارئ في وطن السلام.
هذه المقدمة من كلمة القاص عبد الستار ناصر الموجودة على حاشية كتاب "97 عاما من مسيرة المسرح في العراق" للمسرحي القدير أديب القليه جي ،الذي يتكون من 414 صفحة، ومن عشرة فصول، يتناول فيها المسيرة الحافلة بالعطاء من خلال ما يقارب القرن من الألفية الثانية لتاريخ المسرح العراقي .من تلك الحلاوات العذبة التي عشناها في مرحلة مبكرة من شبابنا "مسرح الستين كرسيا" الذي فتح أبوابه أو بابه الخشبي الوحيد على وجه الدقة عام 1976، بمناسبة يوم المسرح العالمي وهو مكان صغير يقع كما أتذكر في الطابق الثالث من عمارة الإخوان في شارع السعدون، وكان هذا الصرح المنمنم النحيف الجميل من بنات أفكار الفنان المسرحي أديب القليه جي، ويومها تسلم الفنان فؤاد الطائي مسؤولية الديكور بكثير من الإبداع والاهتمام .في بداية الكلام يقول أديب القليه جي: لم يدر في خاطري يوما ،الكتابة في موضوعة تاريخ المسرح العراقي .. أو الخوض في الكشف عن مسيرته .. والجهود التي بذلت في سبيل تقدمه وتطوره .. والتضحيات الجسام لأولئك الرواد الأوائل والأجيال التي أتت بعدهم من اجل وضع أسس المسرح في بلادي والتزود بالخبرات من الدول المتقدمة علينا في هذا المجال .. وما وصل إليه فن المسرح عندنا من تألق أدهش الآخرين قبل الأهل ، لأن موضوعا كهذا بعيد عن تفكيري أولاً، ومن ثم بعيد عن اختصاصي .. وربما يقودني التورط فيه الى الوقوع في زلات تؤذي الآخرين .استقطبت الفرقة حولها جمهرة من المثقفين، وكان اغلب هؤلاء يمدون الفرقة بالدعم المادي ويعاضدونها بالدعاية والإعلام ويكونوا مع عوائلهم وأصدقائهم في مقدمة الجمهور .
97 عاماً من مسيرة المسرح في العراق..سيرة حافلة بالعطاء الإبداعي
نشر في: 21 مايو, 2012: 07:30 م