عباس الغالبي يبدو أن صراع النفط وتداعياته انتقلت من الأفق الخارجي كصراع أزلي بين الدول العظمى الى صراع داخلي مابين الشركاء السياسيين الذين خرجوا للتو من اتون دكتاتورية مقيتة، واشتركوا في خط يافطة عريضة تضمنها الدستور الحالي المستفتى عليه (ان النفط والغاز ملك للشعب العراقي).
ولا أريد هنا أحقية جهة على أخرى، بقدر ما اقول ان مبعث الخلاف قانوني بحت، حيث ان المواد الدستورية من 111 الى 115 والتي تتحدث عن الصلاحيات مابين المركز والإقليم مطاطة، وبعضها يحتمل أكثر من اجتهاد وتقييم، ولذا فانه لا سبيل غير الحوار الهادئ البعيد عن الجنبة السياسية المعزز بالآراء الفنية والقانونية للوصول على اقل تقدير في المرحلة الحالية الى توافقات قريبة من تصورات كل جهة بعينها ريثما يجري تعديل الدستور في وقت لاحق بعد ان تستقر العملية الديمقراطية والسياسية في العراق.ولكن هذا التزمت وهذا التصعيد الإعلامي والتنابز بالاتهامات الخطيرة لا يمكن ان يحدث اتفاقاً معيناً يرتب عملية الصلاحيات والانتفاع الشعبي من الثروة النفطية والغازية، لاسيما وان الجميع يعرف أحادية الاقتصاد العراقي واعتماديته المفرطة على النفط كمصدر تمويل وحيد، ولعله من الأجدى ان تتوحد الجهود مابين المركز والإقليم فيما يخص الاستثمارات النفطية والغازية على المستويات كافة الاستكشافية والتطويرية والإنتاجية والتصديرية وعلى وفق حيثيات الدستور وقانون منصف للجميع فيه من العدالة ما يجعل الشعب العراقي من أقصاه الى أقصاه المستفيد الاكبر من العائدات النفطية والغازية على شكل خدمات ومشاريع اعمارية وتنمية مستدامة ومستوى معيشي لائق بضمن الحدود المعقولة للعيش الكريم في بلد يمتلك من الامكانات الاقتصادية ما لم تمتلكه بلدان العالم الاخر.ولان صراع النفط والجدل البيزنطي قائم على مستوى رفيع بين الطبقة السياسية الذين كانوا بالأمس القريب معارضين نحو هدف واحد واتجاه واحد ومبتغى واحد في مقارعة الاستبداد والدكتاتورية سعياً للحصول للوصول للحكم وجعل الشعب ينعم بثرواته النفطية، لا ان تتحول القضية الى صراع للظفر بأعلى المكاسب تحت شعارات شعبية ولكنها في حقيقة الامر وبحسب افرازات الواقع المعيش خلافات سياسية بحتة وجدل محتدم ابتدأ منذ عام 2003 ولم ينته لحد اللحظة، وعرضت ثلاث مسودات لقانون النفط والغاز ولم يجر الاتفاق على واحدة منها وعادت الامور الى المربع الاول بعد جدل ونقاش ومقترحات، بحيث أصبحنا كمتابعين لمسارات هذه الجدلية لا نعرف العقدة الحقيقية.نرى أن يصار إلى اتفاق حيال قانون النفط والغاز سعياً لتخفيف وطأة الصراع لأنه تحول إلى صراع حقيقي، وبعدها تجري اتفاقات لا تخرج عن روح القانون ولا تبتعد عن الرؤى الحقيقية للاستثمار الامثل للحقول النفطية، ومن ثم يصار الى تعديلات في المواد الدستورية المتعلقة بالنفط والغاز.
اقتصاديات :صراع النفط.. إلى أين؟
نشر في: 21 مايو, 2012: 07:41 م