البصرة / ريسان الفهد حين قرر الطبيب الجراح (س) أن الحالة الصحية لأحد المرضى الراقدين في المستشفى تستوجب إجراء عملية جراحية، لم يدر بخلده أن ذوي المريض سينهالون عليه بالضرب المبرح لأنهم يعتقدون أن حالة مريضهم لا تتطلب إجراء عملية. ولولا تواجد الشرطة في المستشفى التي يعمل فيها الطبيب بناحية صفوان جنوبي البصرة،
لما تمكن أحد من إنقاذ الطبيب من أيدي ذوي المريض التي انهالت عليه بالضرب المبرح، بالرغم من أن العملية لم تتسبب بوفاة المريض أو أية مضاعفات صحية.شهود عيان كانوا حاضرين تلك الحادثة، أكدوا لـ"المدى" فإن ذوي المريض كانوا مقتنعين تماما أنه لا يحتاج إلى عملية جراحية، وهو ما يفرض سؤالا مفاده: من الذي يحدد الإجراءات الطبية الواجب اتخاذها، المريض أم ذووه أم الطبيب المختص، سؤال أجاب عليه رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة البصرة الدكتور حسن خلاطي بالقول: "نعم تحصل مثل هذه الاعتداءات على الأطباء".وبيّن لـ"المدى" أن بعض المواطنين "ينساقون وراء عواطفهم وجهلهم، فيقررون بدلا من الطبيب المختص ما هو الإجراء أو العلاج الواجب وصفه للمريض، كما أنهم يلقون باللائمة على الطبيب في حال وفاة المريض".ونفى خلاطي أن يكون الطبيب متعمدا بوفاة المريض، "لا يضحي أي طبيب بسمعته الطبية وحياة الإنسان بمثل هذه البساطة التي يعتقدها المواطنون".وأشار إلى أن "العديد من المواطنين وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي، يركزون على هذا الجانب لدى الأطباء وهو ارتفاع أجور الكشف الطبي في العيادات الطبية وكذلك أسعار العلاج، وهو ما قد يخلق نوعا من العداء تجاه الطبيب"، بحسب ما يرى.خلاطي أكد على ضرورة تشريع قانون لحماية الأطباء، داعيا مجلس النواب إلى الإسراع بتشريع قانون حماية الأطباء الذي من شأنه أن يوفر الحماية اللازمة لهم ليمارسوا دورهم الإنساني في أجواء آمنة.ولفت إلى أن "الاعتداءات على الأطباء الآن قليلة جدا، ولم نسجل حوادث تذكر مثلما كانت في السابق، إذ كان لجهود الحكومة المحلية في البصرة ومجلس المحافظة وشيوخ العشائر الذين وقفوا بالضد من الاعتداء على الأطباء مهما كانت الأسباب، دور إيجابي في خفض نسبة الاعتداءات التي يتعرض لها الأطباء".لكن نقيب الأطباء في البصرة الدكتور مؤيد جمعة ذكر لـ"المدى" أن حالات الاعتداء على الأطباء مستمرة من قبل مختلف الشرائح الاجتماعية وكذلك الخارجين على القانون. وأفاد بأن "الأخطاء الطبية تحددها وتشخصها جهات مختصة وليس المواطن العادي الذي يتصرف وفقا لعاطفته"، مشددا على أن "قانون حماية الأطباء الذي أعد منذ العام 2009 وقرأ القراءة الأولى ومن ثم ركن على رفوف مجلس النواب، هو الكفيل بتأمين الطبيب".وطالب جمعة مجلس النواب بالإسراع بالمصادقة على هذا القانون لغرض وضع حماية قانونية وشرعية للأطباء".فيما عاتب الدكتور جبار الماجدي وسائل الإعلام قائلا: "نعتب على وسائل الإعلام اولا، لأننا نشاهد العديد من الفضائيات التي تخصص حلقات في برامجها للنيل من الأطباء وفتح المجال أمام المشاهدين للتجاوز على الطبيب بكلمات وأوصاف غير لائقة".وذكر لـ"المدى" أن أجور الكشف الطبي والفحوصات المختبرية "تحولت إلى شماعة للنيل من الأطباء من دون الإشارة إلى أسباب المشاكل التي يعاني منها الطبيب"، لافتا إلى أن "وضع الأطباء الآن لا يدعو للاطمئنان بسبب عدم وجود حماية كافية لهم، ونحن نعمل بدون غطاء قانوني يضع حدا للتجاوزات علينا قبل المواطنين ومنتسبي الأجهزة الأمنية".وتابع بالقول: إن "إحدى الطبيبات فرضت عليها غرامة 50 مليون دينار بعد أن هددت ومنعت من الوصول إلى عيادتها الخاصة لسبب تافه يدعو للسخرية"، فضلا عن أمور كثيرة تحدث بين فترة وأخرى "يقع الطبيب ضحيتها على أيدي شلة من المتخلفين الذي يتعاملون مع الطبيب وكأنه مجرم أو قاتل".أما رئيس عشيرة آل ازيرج في البصرة الشيخ حاتم فهد، فيؤكد في حديثه لـ"المدى" أنه لا تجوز محاسبة الطبيب عشائريا مهما كان السبب ما دام الأمر يتعلق بعمله ومهنته "لأن الخطأ الطبي تحدده اللجان الطبية المختصة وإدارة المستشفى أو نقابة الأطباء".وقال: "من المستحيل أن يتعمد الطبيب الإساءة للمريض أو يتعمد الخطأ مهما كان نوع هذا الخطأ ونتائجه".الإعلامي علي العكيلي يصف الاعتداء على الأطباء بأنه "ظاهرة غير حضارية ولا يمكن أن تصنف ضمن أخلاقيات العراقيين"، مضيفا أن "الطب مهنة إنسانية ويجب أن نتعامل مع الطبيب كواحد من رسل المحبة والسلام ويعمل على خدمة المواطنين في ظروف صعبة جدا".في حين يدعو المواطن عيسى حسين الأطباء إلى مراعاة الظروف الاقتصادية، مشيرا إلى أن "أجرة الفحص الطبي في العيادات الخاصة مرتفعة جدا وكذلك الفحوصات المختبرية والأشعة والسونار وأسعار العلاج تزداد باستمرار، حتى صار المواطن ينظر للطبيب على أنه تاجر".ويلفت الكاتب كاظم فنجان في حديثه لـ"المدى" إلى أن الطبيب قد يخطئ ويقصر في عمله أحيانا، "مثله مثل غي
أطباء البصرة يطالبون بالإسراع بإقرار قانون حمايتهم

نشر في: 21 مايو, 2012: 08:18 م