TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: محافظ البصرة يخاف من فيروز

العمود الثامن: محافظ البصرة يخاف من فيروز

نشر في: 21 مايو, 2012: 08:46 م

 علي حسينأيها المواطن لا تسلْ ماذا فعلت مجالس المحافظات؟ ولا تقل إن الكثير من أعضائها يعتقدون أنهم يديرون مزرعة أو شركة تهدف إلى الربح، فحولوا المشاريع والمقاولات إلى مقربين وأحباب وأصحاب. أيها المواطن لا تستغرب الصمت الحكومي في مواجهة تصرفات مجالس المحافظات فقد أصبح الصمت شعار المرحلة،
أيها المواطن كنت تحلم بالتغيير فوجدت أمامك مسؤولين يستقوون بقرارات مجلس قيادة الثورة سيئ الصيت، ولا يزال العديد منهم يستلهم مسيرة الخال المؤمن خير الله طلفاح، بل ويصر على إخراجه من القبر ليطارد الفرح في شوارع بغداد وميسان والبصرة.مثل غيري، أتابع يوميا القرارات الكوميدية التي يتخذها عدد من مجالس المحافظات وكان آخرها القرار الثوري الذي اتخذه مجلس محافظة البصرة بمنع إقامة الحفلات الغنائية على مسارح وكازينوهات وقاعات الفنادق في المدينة في خطوة عدها اغلب المثقفين عودة إلى حجب ومصادرة للحريات.رئيس مجلس محافظة البصرة قال في تبريره للقرار "إن البصرة مدينة محافظة".  قبل أشهر كتبت عن فنان البصرة الكبير "طالب غالي" الذي شاهدت الدموع تترقرق في عينيه حزنا وأسىً على مدينته التي غادرها الفرح، حيث كانت تغني للجمال، بعدما أصرّ "شلاتيغ" مجلس المحافظة وأعوانهم على أن يلبسوها السواد حزنا، ويمنعوا صوت الفرح فيها، واليوم اكتب وأنا اسمع أن محافظ البصرة اصدر قرارا يقضي بمنع أغنيات فيروز من أن تبث في إذاعة المحافظة، والسبب لأن الأغاني تبث الأمل والفرح في نفوس الناس بينما يريد لهم محافظهم الأغر السير في طريق الهداية، في الوقت الذي فيه  فيروز التي أغوت ملايين العرب على السير بأهالي البصرة الى طريق الغواية والتهلكة. يبدو ان بعض محافظاتنا التي عانت من ظلم صدام لعقود طويلة حين حرم أهلها من ابسط الخدمات وأذاقها أنواع الظلم، لا يريد لها البعض ممن تولوا أمورها أن تفتح صفحة جديدة في جدار المستقبل، وهم مصرون على أن تبقى مكبلة للماضي من خلال تصريحات وقرارات تسعى إلى تحويل مدن العراق إلى ولايات تعيش زمن العصور الوسطى، حيث يسطر لها الولاة الجدد تاريخا يرسمونه من خلال قرارات تعسفية تلاحق الناس في بيوتهم وأماكن عيشهم.  في زحمة اللهاث والصراع على المناصب لا مكان لمراجعة أخطاء الماضي ولا حتى النظر إلى عثرات الحاضر، نتلقى في المدى يوميا عشرات بل مئات التعليقات حول المقالات والتحقيقات التي تنشر ولم أجد في كل هذه التعليقات اسما لمسؤول أو سياسي يسأل ما الذي حصل؟ وماذا تريدون؟ نسمع فقط من على المنابر الفضائية الشتائم المبطنة والوعيد والتهديد والبكاء على القيم التي يريد العبث بها "ثلة" من الخارجين على القانون.لا أعتقد أن متابعا للشأن العراقي يمكن أن يتطلع إلى ما يحدث في مدن العراق اليوم، دون أن يتأمل في الفارق، كانت بغداد والبصرة إحدى مراكز العالم. يأتي إليها الناس من أنحاء الأرض للعلم والثروة والعمل وليس لتعلم أصول الحملة الإيمانية، وأقامت هاتان الحاضرتان علاقات حضارية مع سائر دول العالم، وغصت بغداد ومعها البصرة بأهل العلم والفلسفة وكبار المؤرخين ومطربي الزمن الجميل بدءا من أم كلثوم وعبد الوهاب ومرورا بعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وفريد الأطرش وفائزة احمد، كما فاضت بالشعراء والأدباء. وكان ذلك أيضا عصر محمد القبانجي وعفيفة اسكندر وسليمة مراد وناظم الغزالي وليس عصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تترك المزورين والمرتشين وتهاجم رافعي شعار الحريات. كيف لا نتذكر كل هذا، ونحن نقرأ ونسمع الخطب الرنانة التي تدعونا للعودة إلى طريق الصواب، سيقول البعض إن البلدان لا تعيش على الماضي، لكن ها هو الماضي هناك، يذكرنا بأننا كنا نعلم الناس كيف يفرحون، لكننا اليوم يتعلم منا العالم كيف يبكي. فيا أهالي البصرة الأعزاء وانتم في انتظار الرخاء، حكومة تلو حكومة، والرخاء لا يأتي، والأزمات تشتد ولا تنفرج، لا تغضبوا، فالرهان اليوم على مدى قدرتكم على رفض سماع الأغاني والموسيقى.. والتخلص من صباحات فيروز التي ستؤدي بكم الى النار حتما.. عندها ستجدون أن الرفاهية ستصل إلى ابعد نقطة في الزبير وان الفاو تحولت الى مدينة تناطح دبي.. وان الحيانية سرقت السياح من اسطنبول وماليزيا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram