محمود النمر من مملكة الماء، من أرض المياه والقمر، جاءوا يرفلون بالشعر، إنهم مسكونون بالكلمة والطيبة والنقاء، قصائدهم كعيونهم الخجلى ، سحناتهم مكتظة بالبراءة، وأياديهم مبسوطة كل البسط بالحداثة ، قصائدهم كأنهارهم المشتبكة، هم معمدون بالمياه والقصب والبردي ، تكاد لا تكلم أحدا منهم، حتى تسمع منهم ما يسرك من معان ٍ، إنهم ثلة آمنوا بالشعر، فزادوا به هيبة، وزاد بهم مناراً.
ومن أجل ردم الهوّة بين المركز والهامش ، والاحتفاء بمدعي المحافظات ، ضيّف نادي الشعر في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، مجموعة من شعراء ميسان . أدار الجلسة الشاعر حبيب النورس الذي وصف قدوم هذه المجموعة من شعراء ميسان بإشراقة جديدة في اتحاد الأدباء ، حيث هم شعراء متميزون قدموا من مدينة كبيرة في كتابها وأقلامها المبدعة، وهي تشهد حركة تجديد في الدراسات النقدية، فهناك (مجلة البديل الثقافي) تصدر عن اتحاد أدباء ميسان، وهناك مجموعة من النقاد المتميزين في نقودهم التي أثبتت جدارتها الإبداعية في حقل النقد الأدبي العراقي. وتحدّث رئيس اتحاد أدباء ميسان الشاعر فراس طه الصكر عن نشاطات الاتحاد الذي اخذ على عاتقه رسم المشروع الثقافي الجديد ، لإدامة النوادي الثقافية، وكان من أبرزها: نادي الشعر، ونادي الترجمة، ومنتدى للنقد. وقال: استطعنا بفعل علاقاتنا الشخصية مع بعض المسؤولين في المحافظة استحصال بعض المبالغ لطباعة الكتب الثقافية، وقد تمكّنا من طباعة خمسة عشر كتاباً، تنوعت ما بين الشعر والقصة والنقد والرواية وكذلك في الترجمة.وأكد الصكر إقامة مهرجان "الكميت الثقافي" الذي شكل علامة مضيئة ذات أهمية في واقع الثقافة العراقية، وقد كان مهرجانا نوعيا أسسنا فيه ثقافة نوعية جادة. الشاعر حسن السلمان كان أول الغيث، ثم توالت القراءات الشعرية للشعراء: نصير الشيخ، رعد زامل، غسان حسن محمد، رعد شاكر السامرائي، حسين الهاشمي، فراس الصكر. وكان محور النقد لقصائد الشعراء من نصيب الناقد بشير حاجم الذي أسبغ رؤيته النقدية من دون أن يفككها لضيق الوقت، وأعلن للجمهور انه سوف يترك الصيغة الإجرائية، وحيا أدباء ميسان مشيرا إلى إقامتهم مهرجان "الكميت"، وأشار الى أنها ليست مصادفة أن تكون القراءات لشعراء أكثرهم من التسعينيين، واكد حاجم أن قصيدة النثر أخذت مكانتها في هذه المحافظة وهذا دليل على أن الحداثة اتخذت مستقرا لها.وفي ما يتعلق بقصيدة النثر قال بشير: هناك اشتراطات للقصيدة النثرية، وكذلك خصائص، الاشتراطات الأهم لهذه القصيدة هي الوحدة، والمجانية، والإيجاز. أما الخصائص فمنها الإيحائية غير معنوية، وقصيدة كلية غير جزئية، وسردية غير حكائية، والسرد فيها منفلت من التجنيس، لا تتحول إلى قصة أو إلى حكاية، وهي بصرية وتعتمد على الورقة ولا تعتمد على الأداء المنبري، ولكنها قصيدة إيقاعية غير موسيقية .الشعراء الذين قرأوا لديهم وعي قصدي بما يتعلق بالتنظير للشعر ، من هنا أظن أن اشتغالاتهم تختلف من شاعر إلى آخر، أي أنها صناعة قصيدة نثر حقيقية.وقدم عضو المكتب التنفيذي الروائي حنون مجيد "لوح الجواهري" إلى فراس طه الصكر رئيس اتحاد ميسان، تثميناً لجهوده الإبداعية المتميزة .
قصائد نثرية مغمّسة بوجع الجنوب
نشر في: 22 مايو, 2012: 06:39 م