مراجعة : فريدة الأنصاريالكتاب الذي بين أيدينا (القدس وعلاقتها ببعض العواصم والمدن الإسلامية)، والصادر عن دار "المدى"، واحد من الكتب التي ألّفها الدكتور حسين أمين، وضعه استجابة لطلب الأمانة العامة لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية، حاول فيه إثبات عروبة القدس، وبيان المطامع الأجنبية في هذه المدينة على مرّ العصور التاريخية، معتمداً على عدد كبير من المصادر والمراجع التاريخية والجغرافية.
يستعرض في بداية الكتاب تاريخ القدس قبل الإسلام، نافيا علاقة الإسرائيليين بالمدينة ، فاليبوسيون الكنعانيون عندما سكنوا فلسطين في الألف الرابع قبل الميلاد قام ملكهم (ملكي صادق) ببناء مدينة جديدة لحكمه وسماها (يبوس)، وبعد ذلك بفترة سميت أور سالم (أي مدينة السلام)، ثم إيليا كبيتولينا نسبة إلى الإمبراطور الروماني الذي غزا المدينة سنة 135 م ، وفي العهد الإسلامي الأول سمّيت بيت المقدس أو القدس.والقدُس في اللغة اسم مصدر ومنه حضيرة القدس، والقدس تعني التطهير والتبريك، يمضي المؤلف في بيان اشتقاقها اللغوي لينتقل بعد ذلك إلى بيان أهميتها عند المسلمين ، وارتباطهم الروحي بها، فهي ارض الأنبياء، والقبلة الأولى للمسلمين قبل الكعبة لمدة سبعة عشر شهراً، ومنها كان معراج الرسول. فهذه الحادثة التي أشار إليها القرآن الكريم تؤكد كما يذكر الدكتور حسين أمين عراقة العلاقة الوثيقة بين مكة والقدس، والتي جسّدها بعد ذلك الخليفة عمر بن الخطاب (رض) -عندما دخلها بعد الفتح - في الوثيقة العمرية. وقبل أن يبحث المؤلف في أهمية الوثيقة العمرية، تطرق إلى أهم الآثار الإسلامية في بيت المقدس من مساجد ومدارس وزوايا وغيرها من العمائر التي تسابق الخلفاء والأمراء والسلاطين على بنائها أو تجديد بنائها، وفي هذا السياق ينوّه بجهود العلماء المسلمين في تطوير الدراسات الفقهية واللغوية وعلوم القرآن، ولعله يبغي من ذلك التأكيد على حضارة هذه المدينة المقدسة وصلتها بالحضارة العربية الإسلامية وخلوها من الآثار اليهودية التي يحاول الصهاينة ومؤيدوهم من الآثاريين تقديم أدلة وهمية لدعم حججهم للسيطرة عليها. ولو انتقلنا إلى للوثيقة العمرية لرأينا أن المؤلف من خلال دراسته لها أثبت بأن الفتوحات الإسلامية قد ارتبطت بروح إنسانية وعمق حضاري وتسامح كبير تجاه الأديان الأخرى، كما بين العلاقة التاريخية الوثيقة بين القدس ومكة منذ أن سكنها إبراهيم الخليل (ع) وبعد ذلك ينتقل إلى بيان علاقتها بالمدن العربية والإسلامية، كالمدينة ودمشق، وبغداد، والقاهرة ،واسطنبول لتشمل جوانب متعددة من الحياة الثقافية والدينية والتجارية والعمرانية والسياسية والعسكرية.
القدس وعلاقتها ببعض العواصم والمدن الإسلامية
نشر في: 22 مايو, 2012: 06:40 م