اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > استيراد أطباء أجانب.. فمن يدفع "الفصل العشائري" بدلاً عنهم؟

استيراد أطباء أجانب.. فمن يدفع "الفصل العشائري" بدلاً عنهم؟

نشر في: 22 مايو, 2012: 06:51 م

 بغداد/ إيناس طارق.. عدسة/ محمود رؤوفقنبلة انفجرت، حطمت ساقه اليسرى... شظايا تناثرت في الساق اليمنى، تهشم وجهه وتفحم جلده، حيدر 17 عاماً يقف صباح ذلك اليوم الذي انفجرت فيه عبوة زرعت في دراجة نارية، لالتقاط فرصة عمل في تقاطع مزدحم، يربط مدينة الصدر مع منطقة الحبيبية، تجمعت عائلته حول سريره في مستشفى "الإمام علي".
الوضع متأزم، العائلة والأقارب والجيران تنتظر إنقاذ حياة حيدر، الطبيب قلق وخائف من حدوث ثورة وهيجان عشائري، لو لم يستطع إنقاذ حياته، فالقدر قد يفعل فعلته، ويرسل بروحه إلى الجنة، مرت الساعات الخطرة، وبدأ حيدر يستعيد وعيه، والده الرجل الستيني يعبر عن شكره للطبيب، بعد أن حرك بأصابعه مجموعة من خرز مسبحة كان طوال الوقت يحركها بين كفيه: لن ننسى فضلك يا دكتور.rnتشابك بالأيديفي المقابل، نجد أن إحدى الزميلات الإعلاميات  تقوم بمشاجرة طبيبة في مستشفى اليرموك التعليمي، وتصرخ في وجهها وتتهمها بالتقصير، ولولا تدخل أهل الخير لتحول الأمر الى "صراخ وتشابك بالأيدي"، لان والدها شارف على فقدان حياته بسبب مرضه المزمن، فهو مصاب بداء السكري والضغط، وتعرّض إلى 3 جلطات دماغية، الزميلة كانت غاضبة لأن والدها توفي، وكان على الأطباء إنقاذ حياته بأية وسيلة كانت .حالتان تختلف الواحدة عن الأخرى، لكن العامل المشترك بينهما هو الأطباء الذين أصبحوا "فريسة " لعوائل المرضى ومن يتوفاهم الأجل.فهل الوقت الآن حان لتشكيل وزارة خاصة تعنى بشؤون الأطباء لإنقاذهم من محنتهم، فالقضية الآن أصبحت تحتاج إلى دعم ومساندة، خصوصا أن مسلسل الفصل العشائري أصبح هو الوتر الذي يعزف عليه كل من هبّ ودبّ، وبكل صراحة أصبح الفصل العشائري الآن هو وسيلة لكسب المال السريع على حساب الآخرين، وتهديدهم وإن كانوا لا يتحملون مسؤولية ما حدث، وفي جميع الأحوال عليهم دفع الفدية المالية.إرهاب سياسي عشائريإن أهم الأسباب لهجرة الأطباء التي بدأت في نهاية السبعينيات هو الوضع السياسي المتردي، فخرجت جموع الأطباء بصفات مختلفة لكي تتخلص من الابتزاز والقهر والفقر، فهناك من خرج بصفة عامل، وآخر بصفة سائق تاكسي وآخر بصفة نجار، تعددت المهن المُفتعلة للأطباء لكن الهدف واحد، وهو الخروج من عنق الزجاجة التي أحكم صدام عليها. واستمرت هجرة الأطباء حتى بعد سقوط النظام بعد أن تحول السبب من إرهاب سياسي بعثي وحصار اقتصادي عالمي إلى قتل على الهوية الطائفية، واستمرار التدهور الأمني في البلاد. كل هذه العوامل وغيرها أدت بالنتيجة إلى فقدان العراق الكوادر العلمية الطبية والصحية. وجاء عامل آخر لم يكن في الحسبان من قبل وهو تدخل العامل العشائري والقبلي في عمل الأطباء ونوعيته ما أدى بالنتيجة الى هروب جماعي آخر للأطباء وما زالوا يصلون إلى دول المهجر وتقدم لهم التسهيلات في البقاء عبر منحهم اللجوء.فقبل شهرين تعرضت طبيبة الى السجن في محافظة السماوة  بسبب خطأ طبي غير متعمد ومطالبة أهل المتوفاة بـ150 مليون دينار كفصل عشائري،إذن المسألة ليست حياة إنسان وإنما الفصل العشائري ومن لا يدفع فمصيره معروف، في العرف العشائري اليوم القتل، وقبل عدة اسابيع  وفي محافظة صلاح الدين حدثت وفاة لمريض وصل الى المستشفى بحالة صعبة جدا، وبدأ الاعتداء من قبل "رجال" الشرطة على الكادر الصحي لان زميلهم توفي بعد أن أصيب بعبوة ناسفة زرعت أسفل مقعده الأمامي في السيارة ، أما الحادث الآخر فيذكر أن طبيب تخدير دفع الفصل العشائري بسبب وفاة مريض كان مصابا بمرض عضال وهو كبير السن.مقتل 400 طبيب نتيجة لذلك وبسبب قلة الكادر الطبي والصحي في العراق ذكرت بعض وسائل الإعلام انه تم التعاقد من قبل الجهات الصحية العراقية على استيراد 150 طبيب تخدير مع كادر من الممرضات من الهند والفيليبين، لكن لم يذكر البيان في هذه الخطوة كيف ستحمي الدولة الأطباء والممرضات المستوردين من العراق والذين يعملون بعقود ، وما موقف العشائر منهم ومن سوف يدفع لهم الفصل العشائري في حالة وفاة المريض أثناء التخدير من قبل الطبيب الهندي؟ ويطالبون مَن بدفع الفصل الحكومة العراقية أم الهندية؟!! ويكشف المتحدث باسم الصحة زياد طارق أن عدد الأطباء الذين قتلوا بعد عام 2003، إلى الآن يصل الى ما يقارب الاربعمئة طبيب ، بينما ترك العراق خلال فترة عام 1991، والى الآن ما يقارب العشرين ألف طبيب. وشكلت خسارة هذا العدد الكبير من العاملين في مجال الرعاية الصحية انخفاضا مدمرا في مستوى تقديم الخدمات  الطبية التي تعاني أساسا من الفساد وسوء الإدارة ونقص المعدات والأدوية.تقارير دوليةفيما تشير تقارير دولية صادرة عن منظمات معنية بالشأن الطبي في بريطانيا، إلى أن من مجموع المختطفين وعمليات التهديد التي تعرض لها عراقيون من ذوي الكفاءات نسبة الأطباء فيها 3.7 1642; بينما نسبة القتل تصل إلى  1.6% خلال سنوات العنف الممتدة ما بين 2004 و 2007 .ويستمر التقرير ليؤكد بقاء ما يقارب التسعة آلاف طبيب فقط لمعالجة 28 مليون عراقي، وهو ما يشكل نسبة ستة أطباء لكل 10 آلاف مواطن، مقارنة بـ26 للعدد نفسه في المملكة المتحدة البريطانية .إلى ذلك، سعت الحكومة إلى إقناع العديد من الأطباء بالعودة إ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram