TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: مصر في أول تجربة لانتخاب الرئيس

في الحدث: مصر في أول تجربة لانتخاب الرئيس

نشر في: 22 مايو, 2012: 07:19 م

 حازم مبيضيناليوم وغداً,  سيكون بإمكان المصريين انتخاب رئيس للبلاد, لأول مرة في تاريخهم, الممتد لأكثر من خمسة آلاف عام, ولأول مرة ستكون الانتخابات تعددية, يتنافس فيها أصحاب برامج وسياسات متباينة, يسعون بجدية لتوضيح أهدافهم للناخبين الذين يشكلون مفاجأة عبر اهتمامهم الحقيقي والجاد,
 لقناعتهم أن رئيسهم الجديد سيكون علامةً فاصلةً في تاريخ أم الدنيا, التي لم تعرف غير نظام " الفرعنة " في الحكم, وهو النظام الذي نقل حديثاً رئاسة الدولة من الملك الفرعون إلى أربعة ضباط تناوبوا على الحكم, وكان كل واحد منهم فرعوناً صغيراً, اعتبر ذاته مبعوث العناية الإلهية, ولم يكن بمقدور شعبه مجرد التفكير في مغادرته الموقع إلا حين يحين قدره.الفرعون الأول محمد نجيب, أتاه من هو أقوى وأدهى, واستمر عبد الناصر حاكماً مطلقاً إلى أن وافاه الأجل, وجاء السادات ليكرس نفسه قائداً قادراً عبر الدعاية والإعلام على تحقيق الانتصار العسكري الأول ضد إسرائيل, ولما كانت كذبته كبيرةً فإنها استفزت ضابطاً أرداه قتيلاً وهو يستعرض قوة جيشه, الذي أنتج النسخة الرابعة والأخيرة من حكام مصر العسكريين, وكان الخيار وقع على مبارك, الذي ساهمت فرديته وفساده ورغبته في الخلود, عبر توريث الرئاسة لابنه جمال, في اندلاع ثورة شعبية لم تهدأ حتى إطاحته, وفتحت الطريق واسعاً أمام الشعب, ليسترد حقه في اختيار حكامه, ولتبدأ مصر خطوتها الأولى والحقيقية في درب الديمقراطية.      لسنا بصدد تقييم سياسات المترشحين للرئاسة, فتلك مهمة المصريين التي يستحقونها, لكن اللافت أن بعضهم يتكئ على ما يراه إنجازات حققها عبد الناصر, ويعد بتطويرها ضمن النظام الديمقراطي, ويفوته أن الانجاز الأكبر لذلك المثال, كان إقامة دولة المخابرات, التي ظلت تتطور على يد من تبعه من الضباط, حتى وصلت لدولة الأمن المركزي, المكرسة لنهب مقدراتها وثرواتها من حاشية الفرعون, الذي كان يتلهى بإقامة المزيد من القصور والاستراحات, في الأوقات التي تتاح له بين مؤامراته المتعددة لتوريث ابنه, وذلك ما اغضب المؤسسة العسكرية التي اعتادت على خروج الرئيس من بين صفوفها, وقد ردت على خططه بالوقوف إلى جانب الثورة في آخر الأمر بعد أن التزمت الحياد عند احتلال الثوار لميدان التحرير.من بين المترشحين أيضاً من تربى في حضن نظام العسكر, وإن لم يكن عسكرياً, ومنهم من أتى للوزارة من صفوف الجيش, ويسعى اليوم للرئاسة, وهؤلاء " الفلول " كما يطلق عليهم الثوار, ينافسون مترشحين يحملون فكراً إسلاموياً, ويعتبرون أنفسهم أوصياء على المصريين, بتفويض إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, ومع هؤلاء يتوفر مجموعة من الطامحين, وإن كانت فرصهم بالفوز ضئيلة, لكن وجودهم مفيد للتأكيد على حق كل مصري, في السعي عبر صناديق الاقتراع, للوصول إلى الموقع الرئاسي, والمهم هنا أن كل واحد من المترشحين تقدم إلى الشعب ببرنامج, وفي ذلك خطوة تباعد بين ما يجري اليوم, وأيام الاستفتاء على مرشح وحيد ضامن للفوز من أول جولة, عبر صناديق تمت تعبئتها مسبقاً وبنسب من المعيب أن تقل عن التسعين بالمئة.يخوض المترشحون للرئاسة اليوم معركتهم وسط أجواء مشحونة, بسبب انعدام التجربة, لكن المهم أن عيون المصريين مفتوحة, عبر منظمات المجتمع المدني لمنع أي تلاعب أو تزوير لإرادة الشعب, وبعد أيام ستكون مصر قد حظيت برئيس من اختيار مواطنيها, وسيكون عليه الإثبات يومياً وعبر كل قراراته, أن هدفه هو خدمة الشعب وليس تكريس الشعب خادماً لنزواته لأن المواطن المصري قد شب عن الطوق ولم يعد هناك أي مجال للعبث بإرادته أو تزويرها, ومبروك على المصريين هذا الإنجاز الذي يستحقونه بجدارة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram