د. أحمد النوّاس تحت شعار( قاض على كل صندوق ) تجري انتخابات الرئاسة المصرية بعد أن بدت معرّضة للتأجيل, وهكذا تدفّقت جموع المصريين لانتخاب الرئيس الأول في الجمهورية الثانية . النساء والرجال من مختلف المراحل السنية ومن مختلف الطبقات الاجتماعية اصطفوا في صفوف طويلة منذ الثامنة صباحا الموعد المحدد لفتح ابواب المراكز الانتخابية الثلاثة عشر الفا والتي يقوم على تأمينها وحمايتها قرابة 150 الف جندي. سباق محموم بين مرشحي الرئاسة المصرية، وسباق مواز بين كبريات القنوات الفضائية لمواكبة الحدث.
وخلال الفترة الماضية كنّا مدفوعين للمتابعة برغبتنا أن نعيش هذه التجربة ( الاعلامية السياسية ) التي نمر بها لأول مرّة في العالم العربي والتي أجادت مجموعة من هذه القنوات الفضائية في الارتقاء لمستوى تحدياتها.وبعد أيام من المتابعة الدقيقة والملاحقة لبرامج المرشحين تصل الى نتيجة انك كنت تتابع ساعات طويلة من اللف والدوران ساعات من محاولات التجمّل ومحاولات التهرّب من الغام الأسئلة التي ليس للمرشح موقف واضح منها أو أن موقفه الحقيقي غير مرضٍ وعليه كان يحاول تجميله أو اخفاءه .كثير من العبارات ذات الظاهر اللامع كانت تخفي في طيّاتها استثناءات داكنة أو كلمة تسمح بالتراجع لاحقاً أو استدراكاً يحمل دلالة مبطّنة. ولعل الأرقام كانت الغائب الأكبر والوعود كانت أبرز الحاضرين.الحملات الانتخابية دخلت منعطفا حاسما ومرحلة مهمة بعد مناظرة ( أبو الفتوح- عمرو موسى ) الماراثونية ، وهما المرشحان اللذان يقودان الاستطلاعات لحد الان ، هذا المنعطف تمثّل في البدء بالضرب في المرشحين الاخرين وليس الاقتصار على الترويج للنفس كما كان معتمدا مع بداية الحملة.ابو الفتوح ارتكب خطئاً إستراتيجيا عالي التكلفة ، بفتحه النار على قمّة الهرم الإخواني ، خطأ سيدفع ثمنه في جولة الاعادة ، التي هو الأقرب من مرسي للوصول اليها ، سيدخل الاعادة وهو يحمل سلة تتناقض محتوياتها ، تأييد سلفي وتأييد ليبرالي من أولئك الذين وجدوه أحسن السيئين من وجهة نظرهم أو أكثر الاسلاميين قبولا لديهم.وفي ذات الوقت تنقل مصادر مقربة من الدوائر الاسلامية أن ابو الفتوح خسر داعما مهما للغاية هو الدكتور يوسف القرضاوي الذي أبلغ الاخوان بأنه يدعم أبو الفتوح في بداية السباق الا انه غيّر موقفه مؤخراً بعد تدخّله للتوفيق بين المرشحين لمنع تشتت أصوات الاسلاميين فقبله الأخوان حكماً وتوجّه رفقة محمد مرسي ووفد اسلامي للقاء أبو الفتوح ، المفاجأة كانت رفض أبو الفتوح استقبالهم رغم أن الدكتور القرضاوي كان من المرجح انه سيحكم له ضد مرسي . هذه الحادثة غيّرت رأي القرضاوي ليعلن للإخوان أنه الان يقف على مسافة واحدة من كلا المعسكرين رغم أنه وقبل فترة قصيرة رفض سبعة دعوات للظهور من على قناة الاخوان الفضائية و قال لهم بوضوح لن أجاملكم لانني سأدعم أبو الفتوح علناً.وربما يكون السبب في عدم دعمه لمرشح الاخوان والقول بأنه يقف على مسافة واحدة من مرسي وأبو الفتوح الان هو عدم رغبته في استفزاز السلفيين المدعومين من قطر.بموازاة هذا المشهد الاسلامي تظهر استطلاعات الرأي ان عمرو موسى يأتي ثانيا بعد أبو الفتوح فهو يحظى بدعم قطاعات واسعة تبحث عن رئيس خبير سينأى بالبلاد عن المغامرات .والحقيقة أن عمرو موسى من الممكن أن يصل الى الرئاسة اذا ما ساعدته الاقدار بخروج مرشح الإخوان من الجولة الاولى ليدخل جولة اعادة ضد ابو الفتوح حينها سيكون السيناريو التالي وارداً ومنطقيا:كتلة تصويتية اخوانية منظّمة بلا مرشّح، بينها وبين أبو الفتوح مرارة الانشقاق ومخاوف أن تتبعه فيفتت تنظيمها ( الإخوان لن يصوّتوا له لان هذا يعني نهاية الرابطة التنظيمية ، فهم لن يكافئوا الخارج عن الجماعة).وامامهم عمرو موسى الذي بوسعهم فرض شروطهم عليه وتنظيم علاقتهم به ليكونوا صنّاع الملوك في المشهد ( لك الرئاسة ولنا البرلمان). من وجهة النظر السياسية سيكونون على حق فرئيس غير اسلامي يتبعني خير من رئيس اسلامي اتصادم معه او اتبعه ، وهم لن يجدوا صعوبة في ايجاد التأصيل الشرعي لهذه الصفقة فسيقولون مثلاً نحن أصحاب مشروع وبرنامج ونحن نفضّل مصلحة البلد ومشروعه ونهضته على الاشخاص والانتماءات.
كرنفال الديمقراطية المصري
نشر في: 23 مايو, 2012: 08:09 م