TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المثقفون العرب المحبَطون ودورهم السلبي في ثورات الربيع العربي

المثقفون العرب المحبَطون ودورهم السلبي في ثورات الربيع العربي

نشر في: 24 مايو, 2012: 03:56 م

د. نجم عبد الله كاظم* (1) في ظل أولى ثورات من نوعها تشهدها البلدان العربية وربما العالم في التاريخ، استطاعت أن تفرض اسماً أو مصطلحاً على العالم كله، تصاعدت، وبشكل غريب يدعو إلى الاستهجان، أصوات تشكيك بـ(ربيع العرب) وثوراته. وإذا كنا قد اعتدنا على مثل هكذا أصوات طوال عقود طويلة، وهي ترتفع مشككة
 ومتهمة في أعقاب كل ثورة، أو حركة، أو تظاهرة جماهيرية، أو حرب تحررية، تتسيّدها جميعاً أنظمة وأحزاب وقوى معينة، لتعكس الإحساس بالسلبية وفكرة المؤامرة المهيمنَيْن على العرب، فإن مثل هذا يأتي مثيراً لاستغرابنا وهي تأتي هذه المرة من الطبقة الثقافية لتجسد سلبية أكيدة، وتطال ثورة أو ثورات لا قيادات تقليدية أو غير تقليدية لها، بل هي قامت وتقوم بها أو تقودها، بشكل واضح، جماهير خالصة. ولعل أحد أكثر هذه الأصوات السلبية المشككة هي تلك التي اتخذت شكل حملة من الواضح أن وراءها قوى ومنظمات وربما بلداناً قد تكون ضمنها أميركا وحتى إسرائيل، هي تلك التي تم تعميمها على الانترنيت على شكل مجموعة صورة بطلها جميعاً شخص يهودي فرنسي اسمه (ليفي) وهو يظهر مع جميع ثوار الربيع العربي تقريباً، ووسط مختلف التظاهرات الشعبية، وفي مختلف البلدان العربية الثائرة، لتقول الحملة بالطبع ضمناً، وقبلها صراحةً، إن هذه الثورات من مرتبطة بالاستعمار والصهيونية وإسرائيل. وهنا، وتعلقاً بهذه الحملة بشكل خاص وعموم الحملات وأصوات التشكيك، من الواضح أن شريط هذه الصور يسعى، عن قصد ممن يعمّمونه من المثقفين أو بغير قصد منهم، إلى إعادة الشباب العربي إلى حالة الإحباط التي عاشها جيلنا الثقافي والجيل السابق وربما أجيال سابقة أخرى، بعد سجل شباب الربيع العربي أول خروج حقيقي من حالة الإحباط تلك. ولكن إذا كان من الصعب على طبقتنا المثقفة العربية المشبّعة سلبيةً أن تصدق أن بإمكان العربي أن يفعل ما يفعله الآن الشباب العرب بعيداً عن وصاية الطبقة المثقف العربية، الممعنة في سلبيتها، فليس من عودة لهؤلاء الثوار إلى الإحباط إن شاء الله.    يذكرني هذا الشريط بسؤال أو استبيان أو استفتاء أجرته مرةً جهة ما عن فضائية معروفة وفحواه: هل تعتقد أن أميركا وراء تأسيس هذه القناة؟ فأجبتُ أنا حينها بأنها قد تكون كذلك، ولكنني أتمنى أن تكون هناك مئة قناة مثلها في الوطن العربي (تصنعها) عدوتنا أميركا، ببساطة لأني كنت أؤمن وما زلت بشكل محدود، خصوصاً قبل انطلاق ربيع العرب، بأننا لا يمكن أن نحصل على شيء لصالحنا نحن الشعب، في زمن هيمنة القوى الكبرى على العالم، دون أن نعطي مقابله. وهكذا فلكي تحصل على منبر إعلامي على شاكلة تلك الفضائية تستطيع أن تقول فيها أي شيء، لا بد لك أن تسمح بما كان بعضها يضع إزاءه خطاً أحمر كأن تنقل أخباراً من إسرائيل وآراء إسرائيل وأميركا وآراء من يدور في فلكهما على شاشة عربية. وهذا يجب أن لا يعني أبداً تطبيعاً، لأن التعليق العربي والإخراج العربي والإطار العربي المنطلقة جميعاً من هذه الشاشة يجب أن تبقى هي المؤطِّ لهذا كله. ومن هذا المنطلق نفسه نقول: إنْ كان كل هذا الذي يجري في الوطن العربي ويؤثر في العالم كله، مما لا يمكن إلا لشعب أو شعوب كاملة، بعد الله تعالى، أن تفعله، هو من فعل شخص واحد صهيوني اسمه (ليفي)، كما تحاول الحملة الظالمة أن تصوّره، فأرجوكم أن تدلونا على عنوانه لكي نسدي له الشكر على هذا الصنيع.(2)وتعلّقاً بـ(ـليفي) وبمن ينتمي إليهم من صهاينة وأميركان يجب أن ننتبه إلى أنّ تواجد الأميركان والصهاينة واليهود وتدخّلهم يأتي عبر وسائل كثيرة ومنها، كما بدا واضحاً، هو نحن الطبقة المثقفة ومن حيث لا ندري، والدليل على هذا أمران. الأمر الأول هو تسريب ونشر مثل هكذا شريط من الصور، وإلاّ بربكم، أيها المثقفون المسهمون في نشره أو نشر أمثاله، قولوا لي أولاً مَن قام بجمع كل هذه الصور؟ وهل يعقل أن يُمكِّن هكذا داهية مثل (ليفي) أحداً ليصوره بهكذا لقطات - يُفترض أنها فاضحة له - ويستعرض نفسه لأصحابها، إلا إذا كان هو يعرف بهم، وربما هو من يقوم بترويج هذه الصور؟ الأمر الثاني الذي يدل على إسهام الطبقة المثقفة السلبي هو أنْ يقوم مثقفون، بعضهم كبار، من حيث يدرون أو لا يدرون، بترويج هذا الشريط وغيره من أشرطة وحملات. وبصراحة أقول لو لم أكن أعرف بعض هؤلاء المثقفين عن قُرْب كتاباً وأدباء وفنانين كباراً وملتزمين وأصحاب مشاريع ثقافية لشككت بهم. ولو أن هكذا رسالة  جاءتني من دون مرسل صريح لظننت أن وراءها أشخاصاً مثل (ليفي) نفسه، وحاشا الله أن أقول شيئاً مثل هذا في أشخاص أسهموا فعلاً، من حيث لا يعرفون، بترويج مثل هذه الحملات والصور والكتابات وضرب الثورات العربية. في الواقع أن مكمن دائنا نحن المثقفين، وتعلقاً بهكذا حملات وتشكيكات، أن بعضهم إذ وصل أمر الإحباط فيهم، وطوال جيل أو جيلين أو أكثر، إلى حد أنهم أخذوا، مرة أخرى من حيث لا يعون، ينشرون هذا الإحباط ليطال هذه المرة أولئك الذين نزعوه عن أنفسهم، نعني شباب العرب الذين فجروا الثورات بدءاً ببو العزيزي وتونس، ومروراً بمصر وليبيا واليمن، ووصولاً إلى سوريا، والمسيرة مستمرة. ونشر مثل هذا الإحباط هو عينه الذي فعله مثقفون وآخرون سابقاً ف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram