TOP

جريدة المدى > محليات > المساكن غير الصحية.. بيئة خصبة للأمراض والانحرافات الجنسية

المساكن غير الصحية.. بيئة خصبة للأمراض والانحرافات الجنسية

نشر في: 24 مايو, 2012: 04:39 م

 بغداد / دعاء آزاد أمام بيته الذي لا يختلف كثيرا عن البيوت المخيفة في أفلام الرعب يواظب الرجل الستيني على الجلوس لمدة لا تقل عن ساعة للتأمل والتخطيط، وسط ضوضاء صبية اتخذوا من أحد أزقة منطقة الزعفرانية ملعبا لكرة القدم، يفكر في كيفية جمع 500 ألف دينار شهريا ثمن إيجار البيت الذي يسكنه بالرغم من أن مساحته لا تتجاوز 90 مترا مربعا.
في بيته الذي يسكنه مع عائلة مكونة من أفراد ولا تتوافر فيه مواصفات العيش الكريم، إذ لا توجد فيه نوافذ ولا تدخله أشعة الشمس وكذلك تزداد الرطوبة فيه يوما بعد آخر ودائما ما يختلط طعام سكان البيت ببعض ما يتساقط من سقفه، بحسب ما يقول المتقاعد عزيز حسين الذي اضطر إلى العمل في القطاع الخاص رغم مرضه، لسد متطلبات عيشه لكون راتبه التقاعدي لا يكفي.وأشار حسين في حديثه لـ"المدى" إلى أن البيت يشعرهم بالاكتئاب "وحياتنا مهددة في أي وقت إذ ليس مستبعدا أن ينهار البيت فوق رؤوسنا وهذا ما سبب لنا شدا عصبيا وزاد من شجاراتنا مع بعضنا البعض".وطالب حسين الحكومة ومنظمات حقوق الإنسان بأن تأخذ مشكلتهم على محمل الجد وتشرع بإزالة جميع البيوت غير الصحية وتبني مكانها بيوتا تليق بالبشر.وأضاف "لم نعرف يوما معنى الاستقرار إذ لا تتجاوز فترة سكننا في أي بيت سنة وبعدها يأمرنا مالك البيت بإخلائه حتى احترفت أنا وأسرتي التنقل من بيت إلى آخر".أما سيف عبد الوهاب المتزوج حديثا فإنه يدفع كل شهر 400 ألف دينار كبدل إيجار لبيت تبلغ مساحته 40 مترا مربعا.ويقول عبد الوهاب لـ"المدى": إن صاحب الدار قسمه إلى ستة دور صغيرة "ولكنه لم يراع الجوانب الضرورية الواجب توافرها في كل بيت، إذ لا يوجد مكان للتهوية ولا تصله أشعة الشمس، هذا فضلا عن الرطوبة بسبب فيضان خزانات مياه الجيران والمكان غير المناسب للحمامات".وتابع أن "صغر مساحة البيوت وتلاصقها ببعضها ألغى الحرية الشخصية لساكنيها وكثيرا ما تزعجنا أصوات الجيران ومشاجراتهم العائلية"، مقترحا أن "تكون هناك رقابة على أسعار بدلات الإيجار وتشكيل لجنة لتحدد قيمة البيت لأن أسعار الإيجارات السائدة في الوقت الحالي لا تتناسب مع مساحات البيوت والخدمات المتوفرة في كل منها"، بحسب تعبيره.من جانبه، بين الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور زياد طارق لـ"المدى" أن أغلب البيوت في العراق هي غير صحية "لكن وزارة الصحة لا تملك صلاحيات التدخل في بناء المساكن"، متمنيا في الوقت نفسه من الجهة المسؤولة عن منح إجازات البناء أن تشترط توفر الظروف الصحية المناسبة من تهوية، ومساحة جيدة للبيت، ووجود مساحة صغيرة خضراء على الأقل ، وكذلك متابعة العمل كي لا تحدث أية مخالفة إذ لا توجد أي رقابة في الوقت الحالي.وأوضح طارق أن "الرطوبة الموجودة في أغلب البيوت غير الصحية تعد بيئة جيدة جدا لنمو الجراثيم والفيروسات وأن عدم توفر تهوية جيدة في المكان وخاصة الأماكن ذات الكثافة السكانية سيؤدي إلى انتقال الأمراض بسرعة كبيرة".وشدد على أن دخول أشعة الشمس إلى المساكن أمر ضروري جدا إذ أن عدم تعرض الأطفال لها يسبب لهم الكساح.وأعطى طارق مثالا عن المساكن الصحية إذ أكد أن في دبي لا يمكن منح أي إجازة بناء لأي عمارة سكنية إذا لم تتوفر فيها صفتان قاعة مناسبة لممارسة الرياضة ومسبح لأن وجودهما سيشجع المواطنين على ممارسة الرياضة هذا فضلا عن مساحات عدة في تلك المدينة خاصة للركض وتكون مرقمة بين كل مسافة وأخرى لكي يساعد الشخص على معرفة كم هي المسافة التي قطعها.وكشف طارق عن أن "الوزارة بصدد إعداد دراسة لمشروع يسمح لوزارة الصحة بأن يكون لها دور استشاري في عملية البناء، مستندين بذلك على قانون الصحة العامة والبيئة الصحية الذي يعد توفير السكن الصحي أحد شروطه"، مضيفا أنه في الانتهاء من إعداد هذا المشروع "سنخاطب الجهات ذات العلاقة".إلى ذلك بينت وزارة حقوق الإنسان أن "أغلب البيوت في العراق الآن ليست ملائمة للسكن وهي انتهاك واضح لحقوق الإنسان لكون مسكنه جزءا من كرامته".إذ بين المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين لـ"المدى" أن السكن اللائق هو أحد الحقوق البسيطة للمواطن والتي نص عليها الدستور والمواثيق الدولية التي يعد العراق أحد الموقعين عليها، "لكن توفر مسكن لائق بالإنسان أصبح حلما في بلدنا".وأشار أمين إلى أن "أزمة السكن في العراق تكاد تكون الأكبر في المنطقة، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي وإلى هذه اللحظة لم توضع خطط فاعلة لحل الأزمة وذلك لانشغال السياسيين بمشاكلهم متناسين هموم المواطن".وأضاف أن "الوزارة ترصد المخالفات وتحدد المشكلة وتخاطب الجهات ذات العلاقة لحلها لكن دائما المعالجات تأتي ترقيعية".فيما اكتفت وزارة الإعمار والإسكان بالقول: "لسنا مسؤولين عن الموضوع".إذ بين وكيل الوزير استبرق الشوك في اتصال هاتفي مع "المدى" أن وزارته غير معنية بهذه المسألة وهي بصدد إنشاء 64 مجمعا سكنيا ستطبق فيها كل المعايير الصحية والبيئية.من جانبها أكدت وزارة البيئة وعلى لسان مدير إعلام الوزارة مصطفى حميد أن &qu

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

التنمر في المدارس العراقية يخلق قصصاً
محليات

التنمر في المدارس العراقية يخلق قصصاً "مأساوية": انتهت بالانتحار وترك المقاعد الدراسية

متابعة/ المدى يتبادل الطلبة والتلاميذ بمختلف مدارس العاصمة بغداد، عبارات السخرية والاستهزاء والتنمر فيما بينهم، حتى وصل الأمر للتنمر على أساتذتهم. ولا يقتصر الأمر على الطلبة فيما بينهم وحسب، فالأساتذة يسهمون أيضاً بإطلاق عبارات...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram