TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :عقلية مريضة وحقيقة ثابتة

كردستانيات :عقلية مريضة وحقيقة ثابتة

نشر في: 24 مايو, 2012: 04:45 م

 طارق الجبوري يؤسفني أن أكون مضطراً للتخلي عما اتخذته من منهج في الكتابة بعدم التعرض المباشر للأشخاص والابتعاد قدر الإمكان عن مثل هذا الأسلوب.ومع ذلك سأحاول تجنب الإيغال في هذا المنهج وسأكتفي بالإشارة فقط إلى ما قاله مشعان الجبوري مؤخراً كنموذج على خطورة  الثقافة الشوفينية والعقلية المريضة التي يسعى البعض إلى زرعها في وسطنا.
وأعتقد إلى حد الجزم بأن تهديداته بحمل السلاح بوجه الكرد ومحاولة تنصيب نفسه حامياً للمناطق المتنازع عليها، كما جاء في إحدى وسائل الإعلام، ليس فيها  ما يستحق الرد، فيكفي أن أهل نينوى أنفسهم رفضوه بعد 2003عندما توهم انه يمكن أن يكون محافظاً لهم، كما أن الرجل، وهذا ليس تجنياً عليه، معروف بسرعة تغيير المواقف فتارة هو معارض ويدخل العراق مع القوات الأجنبية ويكون نائباً وأخرى يبكي الوطن المحتل ويلعن القوات الأجنبية ويطلق على شركاء الأمس "أذناب وعملاء المحتل" وغير ذلك كثير ومعروف لا نريد أن نسهب فيه. لكن مثل هذه الأحاديث  تحفزنا للتوقف عندها لخطورتها على مجمل الوضع العام في العراق، خاصة أن البعض ومع تصاعد الخلاف كان يطلق التصريحات غير المسؤولة ويروج لنشر مواضيع ضد الكرد، لغرض التأليب عليهم، وهم مكون أساس في بنية المجتمع العراقي. كنا وما زلنا ندعو إلى ترسيخ قناعات تؤكد قيمة المواطنة عند الجميع دون النظر إلى هوية الشخص العرقية أو الدينية أو المذهبية لأنها الضامن الأكبر والأساس لوحدة العراق الحقيقية،فعندما يشعر الجميع بانتمائهم الحقيقي والعميق  للوطن وبان نظامه كافل لحقوقهم  وضامن لها عندها لا يحتاجون إلى من يحثهم على أداء واجباتهم وسيتوجه ولاء الفرد لشيء أسمى وأكبر من العائلة والعشيرة أو البلدة، بل أن هذه جميعاً ستوظف لغرض عام يبتعد فيها عن الأنانية.   وليس معيباً أن أفتخر بكوني كردياً أو عربياً أو تركمانياً أو أي شيء آخر، ولكن العيب والخطر أن نستخدم ذلك للفرقة والضعف بدلاً من أن نجعله مصدر قوة كعراقيين وهو الاسم الذي يجمعنا ويوحدنا ويحقق أحلامنا.. قد تختلف الأطراف السياسية ويحشد كل طرف قواه لإثبات وجهة نظره ويوظف إمكاناته لذلك، لكن ليس على حساب الثوابت إذا صح التعبير، ومن أبرزها روح التعايش والتآخي التي ميزت مجتمعنا حتى في أشد العهود ظلمة. قد لا أتوافق كلية أحيانا  مع ما يطرح في إقليم كردستان، غير أني أفتخر دائماً في الدفاع عن حقوق الكرد وأؤمن بأن أي تقدم في كردستان يخدمنا بهذا الشكل أو ذاك وأن ما يتحقق من منجزات للمواطن الكردستاني هو في صالحنا جميعا وقد يحفزنا للاقتراب منهم والاستفادة من تجربتهم فما بيننا كعراقيين من مشتركات أكبر وأقوى من كل محاولات زرع الفتنة التي يسعى البعض لإشعالها وهذا ما لا يحتاج إلى دليل.نأسف للجوء  البعض وخاصة ممن  تبوّأ مقاعد مسؤولية بعد 2003، استخدام هذا الخطاب  المتعصب أو حتى السماح  للترويج له، متناسياً أنه ما كان له أن يكون له هذا الموقع لولا التضحيات  التي اشترك فيها العربي والكردي والتركماني وكل مكونات المجتمع العراقي الأخرى  وهي حقيقة ينبغي  ألا تغيب عن ناظر هؤلاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram