بغداد/ وائل نعمة وسط الغبار والحر، يقف حليم ذو الاثني عشر عاما في احد تقاطعات الكرادة محتضنا مجموعة المناديل الورقية التي يرميها خلال نوافذ السيارات متوسلا السائقين أن يشتروا بضاعته. من يشاهد حليم يعتقد من ملابسه "الولادية " السروال الأسود والـ"تي شيرت" الرياضي الذي يحمل رقم ثمانية ويكتب على ظهره اسم اللاعب البرازيلي
"كاكا" بما لا يقبل الشك بأنه صبي ، ولكن من لا يعرف السر الذي يحرص حليم أن لا يطلع عليه احد انه فتاة!أحلام هو الاسم الحقيقي للفتاة المتخفية بغلاف صبي ، فهي تقص شعرها قصيرا وتغطيه بقبعة صفراء،حتى لا تثير الشك. تقول لـ"المدى" : أتمنى لو كنت صبية، فأنا أخشى من الرجال الذين يعملون في الشوارع، هم منحرفون، وأنا أكره جسدي "على الرغم من أن زملاءها في المهنة لا يزالون أطفالا، لكن أحاديثهم وكلماتهم الخادشة لحياء "أحلام" تصيبها بالفزع من أن يكتشفوا أمرها، وتتابع "لو كنت ظهرت على صورتي الحقيقية لتعرضت للتحرش من قبل سائقي السيارات ومن الباعة المتجولين". تحرص الفتاة على أن تلتزم بنصيحة أمها المريضة التي أوصتها بعدم إفشائها للسر، وتضيف "أعاني حاليا من بروز معالم الأنوثة، إني أتقدم بالعمر وما زالت في الشارع". أحلام تفكر مستقبلا بارتداء ملابس فضفاضة لكي لا يفضحها جسدها، لاسيما أن البعض من زملاء الشارع يشكون في أمرها.الصبية من حولها يسخرون من نعومة صوتها الذي يقرب إلى صوت الفتيات، كما يقول كرار (10 ) سنوات الذي ينافسها في بيع المناديل ، مضيفا : لا نعرف ان كان حليم فتاة ام صبيا، انه يرفض التحدث معنا أو الاقتراب منا".لم تدخل أحلام المدرسة، فوالدها هجرهم منذ كانت في السابعة من عمرها، وهي تعيل أمها المصابة بمرض السرطان مع أخيها الذي يصغرها بعام واحد وببيع "العلكة" في منطقة الجادرية على زبائن المقاهي، العائلة تسكن في إحدى العشوائيات في منطقة الزعفرانية والمعرضة للتهديد والإزالة شأنها شأن الكثير من منازل "الحواسم " التي انتشرت في بغداد وباقي المحافظات.لا توجد في العراق إحصائية دقيقة لأعداد الأطفال المشردين أو الذين يعملون في الشوارع ، ولكن منظمة اليونيسيف أكدت في وقت سابق أن هناك ما يقدر بنحو مليوني طفل في العراق يواجهون تهديدات بما في ذلك سوء التغذية والمرض والتلكؤ في التعليم. ويبلغ عدد الأطفال المشردين حسب اليونسيف نحو 220000 الذين توقف تعليمهم في سن الدراسة الابتدائية، موضحة تشريد ما معدله 25000 طفل شهريا بسبب العنف أو الترهيب، مع عائلاتهم. ومؤخرا أطلقت وزارة التخطيط و(اليونيسف) النتائج الأولية للمسح العنقودي المتعدد المؤشرات الرابع في العراق، أكثر المسوحات شمولية حول وضع الأطفال والنساء في العراق منذ عام 2006. بحسب بيان لليونسيف.وبينت دراسة متخصصة سابقة لمنظمة اليونيسيف، أن عدد الأطفال الأيتام في العراق يقدر بنحو 4 ـ 5 ملايين طفل وأنهم في تزايد نتيجة الأعمال المسلحة والوضع الأمني غير المستقر. كما وحذرت منظمات دولية من الاستغلال الجنسي الذي يتعرض له الأطفال في الشوارع أو استخدامهم كمروجين للمخدرات.
"أحلام" تستخدم ملابس واسم رجل خوفاً من التحرش
نشر في: 24 مايو, 2012: 05:15 م