TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > نحن شعب متخاصم

نحن شعب متخاصم

نشر في: 26 مايو, 2012: 08:00 م

يعقوب يوسف الرفاعي هذا العنوان البارز في واقعنا يعبر عن هويتنا الاجتماعية والسياسية أيضا ، فمنذ زمن بعيد كنا ولا نزال متخاصمين، كل منا يدعي أنه الأشرف وأنه الأحق في الهيمنة على الثروة والسلطة والأرض ، كل منا يرى أنه الأعلى شأنا وغيره الأسفل هو السيد وغيره العبيد، مرة صادفني رجل بغدادي قال " لقد امتلأت بغداد بالغرباء، لقد ضقنا بهم ذرعا هذه بغدادنا ليس من حق أحد أن يشاركنا فيها هي لنا مثلما كانت لأجدادنا "،
 قلت له " لكن هذه الأرض بما فيها بغداد هي إرث الله ليس من حق أحد أن يحتكرها لنفسه بسبب أقدميته في السكن "، قال لي بنبرة متشنجة " لكن رغم ذلك يبقى الغريب غريبا حتى يحين موته "، قلت له " على افتراض أن الغريب فاضل الأخلاق فهل يظل غريبا "،  قال " نعم سيظل غريبا حتى لو كان يملك أخلاق الأنبياء "، قلت له " على افتراض أنه تصاهر معكم وانتسب إليكم ما هو موقفكم منه"، قال بلهجة متعصبة " قلت لك إن الغريب غريب ننظر إليه بعين الشك دوما وأبدا". هذه السلوكية المريضة هي إحدى صفات مواطنين عراقيين سواء في بغداد أو في المحافظات، وحتى بالنسبة للقوميات التي تعيش على أرض العراق فهي لا تملك رصيدا من المدنية متمثلا بالتعايش الفاعل ما بين القوميات كافة ، كل قومية تنظر إلى الأخرى بعين الاستصغار، مواطن الشمال يبغض مواطن الجنوب ومواطن الوسط يبغض مواطن الجنوب ومواطن المنطقة الغربية من العراق يعيش نفس التوجه، فهل يمكن أن نعتبر أن هذا الشعب متعايش؟كيف يتمكن هذا الشعب من تجسيد النهج والسلوك الديمقراطي الرصين وهو لم يصل بعد إلى مرحلة التعايش التي تتضمن إلغاء كافة الفوارق؟ يبدو أن نصيب السياسيين من هذه السلوكية كبير جدا فهم أيضا لم يصلوا بعد إلى مرحلة التعايش، وهم يعيشون التوتر المستمر انطلاقا من تشبعهم بروحية التنافر بين بعضهم البعض، وإذا كانت الصورة بهذا اللون فإنها تعكس جوهر شعب متخاصم منذ الأزل، لذلك لابد من إتباع أساليب حديثة لتأهيل المواطنين خاصة الجيل الجديد وزرع الوعي المدني في نفوسه، وتجذير معنى التعايش في نفوس المواطنين ومغادرة أخلاقية التنابز والتسقيط والتشويه والاستعباد، فإنها أخلاقيات تتناقض مع التحضر والتمدن، ليقبّل كل واحد منّا الآخر، ويتآخى معه انطلاقا من الحديث الشريف للرسول محمد "ص" (كلكم لآدم وآدم من تراب)، وانطلاقا من مقولة المسيح "ع" (أحبوا أعداءكم سامحوا لاعنيكم)، وامتثالا لمقولة الإمام علي "ع" (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram