حازم مبيضينبعد الجولة الانتخابية الأولى لاختيار الرئيس المصري الجديد, والتي فشل أي من المترشحين في الحسم خلالها, بات مؤكداً ان المنافسة انحصرت في الجولة الثانية الحاسمة, بين المرشح الإخواني محمد مرسي, ومرشح " الفلول " أحمد شفيق,
وكلاهما طارئ على الثورة التي أطاحت مبارك, وقبل أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية, تحركت ماكينة الإخوان لاحتواء أي إمكانية لفشل مرشحها, وإلى حد السعي لبناء تحالف مع أعدائها الناصريين إن جاز التعبير, والذين يمثلهم حمدين الصباحي, الذي فشل في الوصول إلى الجولة الثانية, فحرمنا من التمتع بنكهة التنافس الحقيقي, بين مرشح جماهيري حقيقي, ومترشح حزبي تحمله ماكينة ضخمة من الحزبيين والمناصرين. الإخوان اليوم يرون في نجاح شفيق في الجولة الثانية, خطراً على الأمة,وهم يعملون لدرء هذا الخطر المزعوم, على التفاوض مع أبو الفتوح وصباحي, على منصبي نائب الرئيس ورئيس الوزراء, وإذ تبين أن الأول سيوجه أتباعه لدعم مرسي في الجولة الثانية, فإن موقف صباحي ما يزال غامضاً, والأرجح أنه يرى في شفيق ومرسي خصمين مبدئيين, لا يجوز التحالف معهما, وإذا كان ذلك يفقده القدرة على التأثير في السياسات, من داخل السلطة التنفيذية, فإنه يمنحه قوةً مضاعفةً في السلطة التشريعية, يستطيع بها ( على الأقل ) مناكفة أي توجهات يؤمن أنها ضد طموحات المصريين. شفيق من جانبه بدأ التحرك, في محاولة لاستقطاب أصوات صباحي وعمرو موسى, وكل الذين يخشون من استئثار الإخوان المسلمين بكل مفاصل الدولة, وبما يعني عنده وعندهم الانتقال إلى دكتاتورية جديدة, تزعم اتصالها بالسماء, وبما يعني استطراداً حرمة انتقادها, وهي تقوم فقط بتنفيذ الأوامر الإلهية, باعتبارها المؤتمن على تلك المهمة, وهي تمهد لذلك بشن الحرب على شفيق, بزعم أنها تستهدف إنقاذ الوطن, واستكمال أهداف الثورة, وحمايتها من الذين يريدون خطفها, ويبدو ملفتاً للنظر أن شفيق تصدر في المحافظات السياحية، وفي المناطق ذات الكتل التصويتية الكبيرة للأقباط، كأسيوط والمنيا، وبعض مناطق القاهرة والإسكندرية, وأيضاً في المناطق التي ما يزال أنصار مبارك يحتفظون فيها ببعض النفوذ أو الممكن شراء أصواتها بالمال المصري المنهوب.شفيق ومرسي والذين معهما, يتراشقون الاتهامات بمحاولة خطف الثورة, في حين تؤكد الحقائق أنهما من يحاول ذلك, فالإخوان الذين ركبوا العربة وهي تقترب من خط الوصول, لم يكونوا بادئين أو مبادرين, وانتظروا طويلاً حتى تيقنوا أن مبارك خرج من حسابات المصريين, والقوى الخارجية التي كانت تدعمه, وشفيق ظل حتى اللحظة الأخيرة من عمر الحكم البائد موالياً لرئيسه, ورضي أن يكون رئيساً لوزرائه, مع معرفته التامة أنه لن يكون أكثر من ديكور لإخفاء القبح, والسؤال اليوم على ماذا يستند الفريقان, وهما يستعدان للقفز إلى الموقع الأول في أم الدنيا.وبعد, فإن معضلة عدم توحد القوى التي تمكنت بتضحياتها من خلع مبارك, أنها لم تتمكن من استيعاب أهمية دورها في استكمال المسيرة, والانتقال بمصر إلى زمن أجمل وأكثر إشراقاً, وأنها بشرذمتها قدمت تضحياتها العظيمة على طبق من فضة, وتركت لأنصار مبارك, وقوى الإسلام السياسي حرية الاختيار, والتنافس على من يسرق ذلك الجهد ويستأثر بحكم المصريين, والسؤال هو هل سيعود هؤلاء إلى ميدان التحرير, لتصحيح المسيرة والمسار,ذلك سؤال إجابته في علم الغيب, ولا نملك غير الانتظار
في الحدث: بين مرسي وشفيق .. أحلاهما مر
نشر في: 26 مايو, 2012: 08:34 م