البصرة / ريسان الفهدمناطق التنومة ونهر جاسم والصالحية في محافظة البصرة، اشتهرت بزراعة أجود أنواع التمور العراقية النادرة مثل (البرحي والساير والخضراوي)، فضلا عن الحمضيات وغيرها، إلا أنها الآن مهددة بمشاريع الإسكان بعد أن أخذت منها الحروب مأخذها.
مساحات شاسعة تمتد على طول الجانب الشرقي من شط العرب، ابتليت على مدى ثمان سنوات بالحرب العراقية الإيرانية التي كانت مسرحا لها، وتحولت تلك المساحات الخضراء إلى حقول للألغام والأسلاك الشائكة والسواتر التربية وتلال المراصد العسكرية.وبعد العام 2003 تطلع أبناء تلك المناطق إلى واقع جديد وحياة أفضل، كما ظنوا أنهم سيحصلون على تعويضات لإعادة استصلاح أراضيهم وإزالة ما لا يعرف عدده من الألغام والمخلفات الحربية.إلا أن ما قامت به الحكومة المحلية جاء بخلاف ما تمنوا، إذ قررت تغيير جنس أراضيهم من زراعي إلى سكني.وبهذا الصدد قال عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة منصور التميمي: إن "العشرات من العوائل التي ولدت وترعرعت في تلك المناطق تريد العودة إلى أراضيها، ولكن لا تجد أذن صاغية من الحكومة المحلية التي انشغلت بأماكن غيرها، وأهملت هذه الأراضي التي تدعي أنها غير زراعية".التميمي وهو من تلك المناطق دعا في حديثه لـ"المدى" الحكومة المحلية أن تلتفت إلى الفلاحين والمزارعين الذين تضررت أراضيهم، مشيرا إلى أن أهم المعالجات هي إزالة الألغام وشق الأنهر والقنوات على شط العرب الذي يقع على مبعدة أمتار عن تلك الأراضي.مدير المركز الإقليمي لشؤون الألغام في الجنوب نبراس فاخر كشف لـ"المدى" أن قضاء شط العرب هو الأكثر تلوثاً بالألغام والمقذوفات غير المنفلقة على مستوى البلاد، موضحاً أن "وجود الألغام يتركز ضمن حدود القضاء في مناطق من أبرزها الشلامجة والدعيجي ونهر جاسم وكوت سوادي".وبين أنه تم اكتشاف ستة حقول ألغام في القضاء خلال العامين الماضي والحالي "لكن لا تتوفر خرائط خاصة بها، وأغلبها مطوقة بأسلاك شائكة".من جهته، اعتبر نائب رئيس مجلس محافظة البصرة أحمد السليطي هذه الأراضي غير زراعية وقد تحولت إلى أراض سكنية ومشاريع مختلفة ضمن التخطيط الجديد لمدينة البصرة.وأضاف أن "الأراضي التي تحدث عنها النائب التميمي غير صالحة للزراعة، وقد تحولت إلى أراض سكنية بحسب التصميم الجديد للمحافظة".بدوره قال رئيس هيئة الاستثمار في المحافظة خلف البدران في تصريح صحفي سابق: إن "تطهير أراضي قضاء شط العرب من الألغام يعد منطلقا للتصميم الأساس لمركز مدينة البصرة، من خلال تحويل الكثير من جنس تلك الأراضي من زراعية إلى سكنية، بهدف سد حاجة المحافظة من الوحدات السكنية".وأفاد البدران بأن "الهيئة خاطبت الجهات المعنية لاسيما مديرية البيئة للإسراع بتطهير تلك الأراضي، وإقامة مشاريع متنوعة عليها، وبالأخص السكنية للتخفيف من الزخم السكني مركز المدينة هناك، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وبالأخص إقامة المشروع الأبرز وهو بناء 100 ألف وحدة سكنية على هذه الأراضي".وفي حديثه لـ"المدى" أعرب المزارع عباس فالح عن أسفه عما آلت إليه حال مناطقهم، وقال: "كنا وما زلنا نطمح إلى العودة لأراضينا لنعيدها كما كانت خضراء".وأضاف "لا نرى اهتماما من الحكومة نهائيا بتلك المناطق، فقد درست الأنهار وتصحرت الأرض، فضلا عن أننا لا نستطيع الوصول إلى أراضينا بسبب الألغام".فيما أكد المواطن هادي عاشور "طالبنا جميع الجهات المسؤولة سواء في الحكومة المحلية أو مجلس النواب الذين انتخبناهم للدفاع عنا ولكن لم نلمس ما يحيي أمل عودتنا إلى مناطقنا"، لافتا إلى أن "الحكومة المحلية تصرح خلاف ما نطمح إليه منذ أكثر من 20 عاما، فهي ترى أن أراضينا سكنية وليست زراعية وهذا معناه قتل أحلامنا إلى الأبد"، بحسب تعبيره.
الألغام ومشاريع الإسكان تخنق مزارع شط العرب

نشر في: 26 مايو, 2012: 08:37 م