احمد المهنالم تنتصر الثورة في الانتخابات الرئاسية المصرية ولم يهزم النظام القديم. وتقدم الاسلاميون الصفوف رغم أن العلمانيين حصدوا أغلبية الأصوات. وجاءت النتائج مفاجئة مع أنها معبرة عن الاتجاهات السياسية السائدة في البلاد.
حسب النتائج الأولية (غير الرسمية) نالت القوى المعدودة على الثورة نسبة 63% من الأصوات: 25 % لمحمد مرسي (الاخوان)، 21% لحمدين صباحي (الناصري)، و17 % لعبد المنعم أبو الفتوح (اسلامي منفتح على العلمانيين). وفي الحد الأدنى حصل العلمانيون على 55% من الأصوات، بجمع أصوات أحمد شفيق (23% ) وصباحي (21 ) وعمرو موسى (11%)، وهذا من غير عد أصوات علمانية ذهبت الى أبو الفتوح.أما حصة النظام القديم الممثل بأحمد شفيق، صاحب المركزالثاني بعد مرشح الاخوان، فلربما مثلت المفاجأة الثانية في الانتخابات، بعد مفاجأة تراجع أبو الفتوح وموسى الى المركزين الرابع والخامس. والبعض يضع موسى في نصاب النظام القديم، ما يرفع نسبة تأييده الى 34 %، ولكن موسى يضع نفسه في خندق الثورة. الأهم من"النسبة"هو ان المشاركة الانتخابية للنظام القديم، الفاسد والدموي برأي الثوار، تعبير عن نضج وتسامح مميزين في سياسة مصر.إن خريطة التيارات السياسية كما عكستها الانتخابات الرئاسية تتمثل بثلاثة اتجاهات، أهمها الاسلامي بتلاوينه. ثم القومي بأطيافه. وحزب النظام القديم وهو خليط من "الفلول"، ورجال أعمال، وتكنوقراط، ومن يمكن تسميتهم بحزب الأمان الذين يحنون لاستقرار زمن مبارك ويراهنون اليوم على العسكر لاستتباب الأمن، والأقباط المتوجسين من الاسلام السياسي.أما التيار الليبرالي فقد غاب عن المشهد كتيار مستقل ذي وزن، وذهبت أصواته الى المناضل الناصري العتيد حمدين صباحي. وأغلب الظن أن وجود البرادعي في المنافسة الرئاسية كان سيعطي لهذا التيار زخما نسبيا، بسبب حجم الرجل ودوره في الثورة.ومن المرجح أن تتحول جولة الإعادة بين مرسي وشفيق الى منافسة بين الثورة وبين النظام القديم. وستكون بذلك مفاجأة شفيق مناسبة سارة لمرسي، لأنها ستعمل على توحيد قوى الثورة خلفه، لإلحاق الهزيمة بمرشح النظام القديم (والعسكر نسبيا). وعند الأخذ في الاعتبار عدم اقتراع نصف الذين يحق لهم الانتخاب، نحو 50%، تبدو نسبة فئات اليائسين من السياسة والرافضين للمشاركة فيها والبعيدين عنها، أكبر من أي تيار سياسي بمفرده، ومساوية عدديا للتيارات السياسية مجتمعة.ومن حيث المبدأ يعد امتناع المواطنين عن المشاركة في الانتخابات مظهرا سلبيا من عدة وجوه. فالانتخابات على العموم هي "ساعة الشعب" التي يستطيع من خلالها المعاقبة والاثابة، واختيار حكامه وتنمية السياسة ورفع الوعي وتحسين المصير. ولكن السلبية قد تعطي من ناحية أخرى انطباعا ايجابيا عن وضع الشعب. فهي تعبر عن عيشه ظروفا طبيعية لا تجبره على الانخراط في السياسة، مثلما يحدث في أحوال شعوب تعيش أزمات عامة أو شاملة، ما يضطرها الى أن تكون مسيسة كليا، شأن الصومال وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وليبيا. وفي ضوء ذلك تبدو ظروف مصر طبيعية الى حد ما رغم أنها تعيش ظروف ثورة.وتعد انتخابات الرئاسة هذه أكثر من الانتخابات النيابية التي سبقتها تمثيلا لواقع الإتجاهات السياسية والاجتماعية في مصر. وهي الأولى بعد الربيع العربي التي تزيد فيها أصوات العلمانيين على الاسلاميين.
أحاديث شفوية: مفاجأة شفيق سارة لمرسي
نشر في: 26 مايو, 2012: 09:03 م