حازم مبيضين تدعونا دماء الأطفال الأبرياء, التي أريقت بخسة ودناءة في مجزرة الحولة في ريف حمص, لمراجعة مواقفنا من كل ما يجري على الأرض السورية, وإذا كان طرفا الصراع تبادلا الاتهامات بارتكاب المجزرة المروعة, فان مراقباً محايداً هو رئيس بعثة المراقبين الدوليين, أكد استخدام مدفعية الدبابات في قصف المدينة, التي فقدت نتيجة المجزرة البشعة أكثر من 114 مواطناً, بينهم حوالي الثلاثين لم تتعد أعمارهم العاشرة, وغني عن القول أن معارضي النظام لا يمتلكون دبابات ولا مدفعيه.
صحيح أن الظروف التي أدت إلى هذه المأساة المشينة ما تزال غير واضحة، لكن الذي ارتكبها كائناً من كان يستحق أشد العقوبات, قبل أي تفكير بحل سلمي, فدماء أطفال الحولة أغلى كثيراً من موقع الرئيس, ومن حكم حزب البعث, وأثمن ملايين المرات من طموحات المعارضين, ومن أي أفكار ظلامية قد تكون وراء المجزرة, وهي تسعى لتحويل الاحتجاجات التي بدأت سلمية, إلى حرب أهلية منغلقة على الانتماء الطائفي دون غيره.سوريا بعد الحولة هي غير ما قبلها, فالمجلس الوطني المعارض دعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع فوري, واتخاذ القرارات الواجبة لحماية الشعب السوري, بما في ذلك تحت الفصل السابع, والتي تتيح حماية المواطنين من جرائم النظام باستخدام القوة, والجيش السوري الحر أعلن وقف التزامه بخطة عنان، اذا لم يتحرك مجلس الأمن بسرعة لحماية المدنيين، وشدد أن لا مبادرات ولا فرص ولا حلول سياسية بعد اليوم، لأن ما يحدث على الارض, وتحت أنظار المراقبين الدوليين, دليل قاطع على وفاة خطة عنان, وتأكيد على أن النظام القائم لا يفهم سوى لغة القوة والعنف.هل يكفي إذاً أن يكون رد الفعل النهائي, من الأمين العام للأمم المتحدة, والموفد الدولي عنان, هو اعتبار أن مجزرة الحولة تشكل انتهاكاً صارخاً ورهيباً للقانون الدولي, والاتصال ببرهان غليون للتنديد بالجريمة النكراء, أو التوقف عند مطالبة وزير الخارجية البريطاني برد دولي قوي, أو الاكتفاء عربياً بالتظاهرة الكويتية أمام السفارة السورية في الكويت, والمطالبة بتسليح الجيش السوري الحر, أو اللجوء الى الصمت بعد مطالبة الإمارات العربية المتحدة, بعقد اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية لمناقشة المجزرة, أو القبول بإدانة دول مجلس التعاون الخليجي الجريمة, واتهام قوات النظام بارتكابها, أم ان هناك فعلاً آخر يتوجب اللجوء إليه.على الذين دانوا وشجبوا إمعان النظر في الصور المروعة, وملاحظة أن اللون الأحمر الذي يصبغها, لا يتعلق بملابس الأطفال القتلى, وإنما بالدماء التي نزفت من أجسادهم الغضة, وإن كان متاحاً التدقيق في نظرات الرعب التي تحجرت في المآقي, ومقارنتها بعيون أطفالهم التي تغفو بوداعة, عل ذلك يحرك فينا جميعاً نخوةً انسانيةً, تتكاتف لوقف نزيف الدم السوري, وعلينا جميعاً أن نصم آذاننا عن الاتهامات المتبادلة بين النظام ومعارضيه, وأن نفتش عن الحقيقة بكل قسوتها, لينال المجرم الجزاء الذي يستحق.لأهل الحولة وكل عائلات الشهداء في سوريا, خالص العزاء والتضامن مع مصيبتهم, واللعنة على مرتكب المجزرة الحاقدة, التي أودت بأرواح الأبرياء, وهي ما زالت تتنقل بين المدن السورية, لتزرع حقداً أسود سيعود بالخزي والعار, على الذين يغذونه بدماء الأطفال والنساء والشيوخ, وسيظل أملنا كبيراً, بأن تتغلب الوطنية السورية الجامعة على كل ماعداها, من دعوات طائفية, لم تعد تكتفي بالكلام, وتعدت إلى الدم الذي سيلون ليالي مطلقيها بالقلق.وبعد, سوريا اليوم بحاجة إلى عقلاء حازمين, يوقفون النزيف, ويضعون خطواتها على الدرب المفضي إلى تحقيق آمال السوريين في حياة حرة كريمة وآمنة.
في الحدث:مجزرة الحولة.. أي بؤس ارتكبها؟
نشر في: 27 مايو, 2012: 08:35 م