عباس الغالبي في الوقت الذي مازالت فيه نسب البطالة مرتفعة في العراق بحسب احصائيات منظمات دولية تتحدث عن نسبة مقدارها 18% ، تنحسر فرص العمل الى حد تدخل العمالة الماهرة ممثلة( بالخريجين من اصحاب الشهادات الجامعية الاولية وحتى العليا ) مع العمالة غير الماهرة ، حيث ينخرط الكثير من الخريجين في اعمال بسيطة لا تنسجم ومؤهلاتهم العلمية ولا تلبي لهم مستلزمات العيش الكريم ، وهي ظاهرة تعود عليها العراقيون منذ تسعينيات القرن الماضي ابان العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على العراق .
ولم يكن المشهد خالياً من الاختلالات البنيوية ولاسيما في المؤسسات الحكومية التي تعاني وبشدة من البطالة المقنعة والترهل الوظيفي ، في وقت يعاني القطاع الخاص من سبات شبه تام ، ولم يكن الاستثمار في ارقى حالاته ، ما يجعل العمالة تضغط على القطاع الحكومي باتجاه خلق فرص عمل ، أفضت بالمحصلة النهائية الى ما يسمى بالبطالة المقنعة التي تعج بها المؤسسات الحكومية ، ما يتطلب من الحكومة التي ذهبت وعودها بتوفير فرص عمل للعاطلين ادراج الرياح للاتجاه الى تفعيل الاستثمار وخلق دور ريادي للقطاع الخاص سعياً لامتصاص العمالة وبالتالي خفض نسب البطالة ، حيث يعد هذا المسار هو الحل الانجع في التعامل مع هكذا ظاهرة تكاد تكون ملازمة للاقتصاد العراقي منذ زمن ليس بالقصير .وعلى الرغم من انخفاض نسبة البطالة من 30% الى 11% نهاية العام الماضي 2011 بحسب احصائيات وزارة التخطيط ، إلا ان كثيرا من المنظمات الدولية وبعضها عاملة بفاعلية في العراق بعد عام 2003 تشكك بهذه الاحصائيات وتتحدث عن نسب مرتفعة ، وبعض هذه المنظمات تعطي وتقترح حلولاً إلا ان الجهات التنفيذية تتغاضى عنها لاسباب غير معروفة ، وهذه تعد طريقة غير صحيحة في التعامل مع مشكلات اقتصادية غاية في الاهمية والخطورة ولها انعكاسات سلبية حتى على الجانب الامني ، لان هذه المنظمات وأخص بالذكر العاملة في العراق هي بمثابة جهات استشارية وتتحول في كثير من الاحيان الى تمويلية لمشاريع تراها مناسبة للمجتمع ، في وقت تعاني المؤسسة التنفيذية من تخمة من المستشارين الذين لم يقترحوا حلولاً مناسبة بحسب معطيات الواقع ، وبعضهم تحول الى مادح من الطراز النادر للاجراءات الحكومية مهما كانت تداعياتها ونتائجها، وتحولوا من مستشارين الى مادحين في البلاط الرسمي .وتبقى ثنائية البطالة والعمل ، ثنائية غير متعادلة ترجح فيها كفة الميزان للبطالة ، وتبقى الحلول التي قدمت سابقاً عاجزة خجولة غير قادرة على التصدي ، وتظل مجرد وعود حكومية كانت انتخابية وتحولت الى تنفيذية وستبقى أسيرة الوعود الفارغة .
اقتصاديات :ثنائية العمل والبطالة
نشر في: 27 مايو, 2012: 09:00 م