حازم مبيضين إذا كان صحيحاً أن اللواء إسماعيل قائاني، نائب القائد العام لفيلق القدس الإيراني، اعترف بالتواجد العسكري لهذه القوة على الأراضي السورية، والضلوع في قمع المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، وحتى لو برر ذلك بالقول إنه لولا ذلك الحضور، لكانت المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري، على يد المعارضين أوسع مما نراه على الأرض، فإن ذلك ينقل الصراع في بلاد الشام إلى مديات أوسع، وسوف يستفز قوى إقليميةً ترى الصراع في سوريا من منظار طائفي، وقوى دوليةً تسعى بكل طاقتها لمنع النفوذ الإيراني من التمدد وإيجاد مواطئ أقدام له في محيطه الإقليمي، ناهيك عن استفزاز قوى في سوريا وقفت حتى الآن على الحياد رافضةً أي تفسيرات طائفية لما يجري في بلادها.
منذ أكثر من سنة، ظلت المعارضة السورية، السنية كما ينبغي القول، تتهم إيران بتقديم كل أشكال الدعم والمساندة للنظام السوري "العلوي"، غير أن المراقبين نأوا بأنفسهم عن تلك الاتهامات، لاستنادها إلى فهم طائفي، يحرف الصراع عن حقائقه، إلى أن فوجئنا بوكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية، شبه الرسمية، تنشر مقابلة اللواء قائاني، لتعود وتحذفها بعد قليل، دون إعلان الأسباب، واللافت أن النشر تزامن مع إدانة مجلس الأمن الدولي للسلطات السورية، على خلفية مجزرة الحولة، وتحميله المسؤولية عنها، فجاء الجنرال ليعلن أنه عندما لم تكن قواته حاضرة في بلاد الشام، كانت المجازر التي تنفذ بواسطة المعارضين أكبر، ولكن إثر تواجد الجمهورية الإسلامية تم الحؤول دون ارتكاب المجازر الكبرى، وهو بذلك يصرف صك براءة للنظام، ويعترف في الوقت عينه بوجود مجازر لم نعرف تفاصيلها، وإن كان يتهم المعارضة بارتكابها. قائاني في مقابلته، يعترف أن هناك الكثير من السلبيات، التي تعانيها الحكومة السورية، لكنه يبرر دعم بلاده لحكومتها بالقول، إن هذا البلد يشكل جغرافية المقاومة، وإذا شئنا موافقته على ما يقول، فإن من حقنا سؤاله عن أي مقاومة يتحدث، ما دامت جبهة الجولان المحتل تنعم بالهدوء منذ العام 1974، نعرف أنه سيلتف على السؤال بالحديث عن حزب الله اللبناني الإيراني، والدعم الذي يتلقاه من دمشق وعبرها، لكننا سنسأله ثانية كيف يعرف سلفاً أن معارضي النظام سيكونون خرافاً في الحظيرة الصهيونية إن تسلموا زمام الأمور في سوريا، نعرف أنه سيجيب بالقول إن أميركا والغرب تدعم هذه المعارضة، لكننا نعرف أيضاً أن هناك قوى فاعلةً في تلك المعارضة تبني وجودها وصيرورتها على عداء إسرائيل ومن يقف معها.كان معروفاً عن طهران قدراتها الدبلوماسية العالية، وقدراتها الفائقة على إخفاء بعض الحقائق، التي لا تتناسب مع توجهات المجتمع الدولي، أو سياسات دول جوارها، غير أن مقابلة قائاني نسفت كل ذلك، إن لم يكن نشرها مقصوداً، لجهة التحذير من أن ما يجري في سوريا لن يتوقف عند حدودها، وأن التعصب الطائفي هو الأساس، خصوصاً وأن ذلك يتزامن مع اختطاف عدد من أبناء الطائفة الشيعية اللبنانيين في الأراضي السورية، إبان عودتهم من إيران، وما يحيط تلك العملية من غموض، وما يرافقها من تشنجات نحسب لحزب الله عدم الانجرار خلفها، والاكتفاء بإدانة العملية التي تستحق الإدانة الجماعية لبشاعة المبررات التي تساق لتنفيذها.ارتفعت الكثير من الأصوات لوصف ما يجري في سوريا بأنه صراع طائفي، وسعى الكثيرون لتحويله إلى هذا المنحى الخطير، وحرفه عن أهدافه، وليس سراً أن ذلك لقي بعض الاستجابة عند المتطرفين، والمنغلقة عقولهم على الأوهام، غير أن المؤسف أن يخرج من طهران صوت يصب الزيت على هذه النار، التي إن ارتفعت ألسنة لهيبها، فإنها لن توفر أحداً بمن في ذلك من أشعلها.
في الحدث :طهران إذ تعترف بدعم النظام السوري
نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:22 م