قيس قاسم العجرش مازال رئيس الحكومة وخصومه ينظرون في ذات الوقت إلى نزاعهم على أنه نزاع استحواذ وأحقية بالمنصب وجدل في نتائج الانتخابات. للأسف، خصوم رئيس الحكومة السياسيون برهنوا أكثر من مرة على أنهم مطلبيون قبل كل شيء، خاوون من الفحوى في أعلى مراكز القرار لديهم لكنني لا أتصور أبداً أن الحاكم كان أكثر دهاء منهم فاكتشف حاجتهم الإدمانية لصغائر الأمور أكثر من كل شيء.
مازالت الأمور بالنسبة إلى علاوي وجماعته تبدأ يوم أعلنت نتائج الانتخابات فقط وهو لم يغادر هذه اللحظة لغاية الآن. هذا الأداء يأتي بناتج عرضي طبيعي في هذه الظروف عنوانه "غض النظر عن الأداء الحكومي الحالي".هذا الناتج غير المقصود (والمقصود حكومياً) يعمل على تقوية وتغطية أخطاء الحكومة الحالية لتبدو وكأنها نتيجة للاحتراب على المناصب لا سببٌ لها والحكومة تعلم وخصومها لا يريدون أن يعلموا. لكن الحالة العراقية تفاقمت متجاوزة مرحلة العربة التي تتقدم على الحصان لتدخل في نفق لم يعد فيه الحصان يرى العربة ولا هذه تتحسس حصانها الجامح.أما نحن فقد خسرناهما كليهما.ولأن خصوم الحكومة لا يفهمون من الحكم إلا أن يتسنموا المناصب ويتقلدوا الصلاحيات فقد شتتهم الحكومة ورئيسها الممسك بالمناصب والصلاحيات بأقل ما يكون من التكاليف.ولأن الحكومة أظهرت وأبدت وأوصلت إحساساً بأن الحكم هو القوة والامتياز والصلاحية فإن الخصوم عزّ عليهم أن ينظروا الى غير هذه المعطيات.فاتهم، بإرادتهم أو بغير دراية، أن الحكم يعني الأداء أولاً، كما فاتهم إن الشرعية في النظم الديمقراطية لا تعني شرعية المبتدأ فقط إنما إمكانية الرقابة والمحاسبة والتدقيق في فوات المنفعة التي يتسبب بها الحاكم حتى وإن كان قد أتى بـ"دفعة" ديمقراطية. لو كانت "العراقية" ونوابها من كل الأنواع، البيضاء والحرة والأصلية قد اكتفوا بنقد العمل الحكومي ومتابعة تنفيذ الواجب الأول الذي أصبحت من أجله الحكومة تسمى "حكومة"، لكانت قد حصدت فوق أصواتها الابتدائية مزيداً من أصوات الذين انتخبوا الحكومة ثم تبين لهم سوء أدائها.لكنه إصرار على إصرار، وإمعان في تضييع ما تبقى من فرص خلق السياسة على أساس المواطنة.استثمرت الحكومة، المتعثرة إلى حد بعيد في أدائها، هذا الطمع الأخاذ في خصومها كي تعرّيهم وتصورهم على أنهم طلاب مناصب فقط، وقد نجحت في تعميم هذا التصوير إلى حد بعيد.أليس من الغريب أن نسمع العراقية مثلاً تتحدث إلى الآن عن منصبي وزير الدفاع والداخلية؟.لكن الغريب أن تتبع هذه القوى "المعارضة" ذات النهج الذي أوصل الحكومة إلى ما فيه من حالة تعاني الانسداد.الأكيد أيضاً إن هذا التناقض يوجب أن يكون أحد الأطراف يكذب في دعاواه كذباً لا يستحي منه وبالتالي تستمر ملحمة الكذب على رؤوس "المكاريد".
تحت الضغط العالي :إصرار على إصرار
نشر في: 29 يونيو, 2012: 05:00 م