المحررولد حسين مردان في 1927 ولا يتذكر من طفولته في طويريج والحلة شيئاً ولكنه يتذكر ما كان منها في الخالص حيث استقرت عائلته. لم يكن ايام دراسته في المدرسة تلميذا موفقاً اذ لم يكمل المتوسطة منها، لكنه كان قارئاً نهماً خارج الدرس. يقول في احدى مقالاته»في السابعة قرأت عنترة،
وفي العاشرة نظمت اول بيت، وبدأت امي تضايقني بأن لابد من الانقطاع عن الادب! وهكذا تركت المدرسة ثم بدأ الخصام مع العائلة! واضطررت الى هجر البيت». وهكذا بدأ يتلمس حياة التشرد في ازقة الخالص الضيقة وحين تضيق به يدفعه طموحه للهجرة الى بغداد عام 1947 ليألف حياة تشرد بمعنى الكلمة ويجد نفسه في مواجهة عالم آخر ليس كالخالص، انها بغداد المدينة الغامضة والمغلفة.. وبعد يومين من وصوله بغداد يدخل الفراغ الى جيبه وينخرط في مسطر سوق الفضل عاملاً للبناء. بعدها يلتقي كامل الجادرجي»القائد الوطني» ويعرض عليه العمل في جريدة الاهالي مصححاً لغوياً وعد ذلك فوزاً كبيرا ويلج حياة بغداد كما المستكشف يريد ان ينهل من عالمها ما راود مخيلته وهو ما زال يحبو في بدايات تشرده في الخالص. يدخلها مفتتحا تشرداً من نوع آخر، فان الكتب لا تكفي… الحياة … الليل.. واي ليل هوليل بغداد بكل ما فيه من خمر وغوانٍ وحشيش وصحبة شعراء حالمين. يهدف للكشف ورؤية الجذور ويغوص في عالم المدينة المتنوع والمتناقض في الوقت نفسه، ويجد في (واق واق) المقهى ما يسهل عليه عملية الاكتشاف والغوص هذه. وهناك يتلمس طريقه للوسط الثقافي: شعراء … فنانين.. يساريين ومدمنين وجره ذلك الى صحبة متشرد من نوع آخر فقير سليل عائلة ارستقراطية هو بلند الحيدري وغيره ويبدأ التجوال والتنقيب في مكتبات بغداد، وحين صدرت مجلة (الكاتب المصري) وما فيها عن الوجودية هام بها وتبناها وعد نفسه وجوديا على طريقته. ثم لما نشرت ترجمة ديوان بودلير»ازهار البشر» وجد ضالته فيه وعد نفسه بودليرياً. وحين تتسع دائرة معرفته بالوسط الثقافي يبدأ بالتنقل بين مقاهي بغداد الادبية»من عجمي، الزهاوي، كافيه سويس، البرازيلية، واق واق، وفي معهد الفنون الجميلة ويلتقي النخبة (الرصافي، الجواهري، بحر العلوم، بدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي) والقائمة تطول.يصدر عام 1949 ديوانه الاول (قصائد عارية) وها هو يدخل عالم الشعر بجرأة هي اقرب للوقاحة ويتمادى في جرأته ويهدي ديوانه الى نفسه ويوصمه بهذا الاهداء الذي لا يقل جرأة عن اصراره واطمئنانه الى شاعريته يقول»لم احب شيئاً مثلما احببت نفسي، فالى المارد الجبار الملتف بثياب الضباب، الى الشاعر الثائر والمفكر الحر... الى.. حسين مردان.) وصودر الديوان حال صدوره واحيل صاحبه للمحاكمة وتبرئة المحكمة بعد ان انتدبت لجنة من الادباء لقراءته والحكم عليه وكأنها بذلك تعلن ولاءها للابداع وتقف الى جانب الشاعر. في 1950 اصدر قصيدته العمودية»اللحن الاسود» في كراس خاص ولم يكن للسلطة بد من مصادرة القصيدة وتقديم صاحبها للمحاكمة لكنه نجا هذه المرة ايضا هو وقصيدته كما في سابقتها.يصدر في 1950 قصيدته الثانية (رجل الضباب) ايضا في كراس مثل سابقتها التي اعاد نشرها في نهاية ديوان اغصان الحديد الذي اصدره 1961 يدافع فيها عن وطنيته وهو الشاعر الثائر المتفجر ألماً لما يسود بلده من ظلم الحاكم: هذا انا (رجل الضباب) ومن له في كل موبقة حديث يذكر فليعلم المتزلفون اذا التوت قدم على قدم بأني اكبر... يعود في 1951 فيصدر كتابه (صور مرعبة) من النثر المركز – هكذا اسماه ويستمر في النظم على هذا النمط فيلحقه بثان في 1952 (عزيزتي فلانة). وبعد انتفاضة تشرين 1952 تسوقه اهتماماته الوطنية الى المعتقل ويحكم عليه «بكفالة» على ان لا ينشر كتابا لمدة سنة واحدة، ولعجزه عن دفع مبلغ الكفالة المطلوبة يودع السجن.. سجن الكوت لمدة سنة اوائل 1953 زادته هذه السنة اصراراً على التمسك بقضايا الناس والسير في خدمة شعبه وغذت اصراره هذا ثقافة عرفها من زملاء سجنه.عاد بعد خروجه من السجن للعمل بالصحافة في جريدة»صوت الاهالي» واصدر في العام نفسه 1953 كتابه (الربيع والجوع) على نمط»صور مرعبة» في نثره المركز.ويصدر في 1955»نشيد الانشاد» من النثر المركز ايضا مستوحيا موضوعه من»نشيد الانشاد للملك سليمان» وفي العام نفسه 1955 يصدر كتابه»مقالات في النقد الادبي» وديوانه «العالم تنور» من النثر المركز.ويلحقهما في 1956 بإصدار كتابه»رسالة من شاعر الى رسام» الشاعر حسين مردان والرسام شاكر حسن ال سعيد. ويصدر في العام 1958 ديواناً سماه (الارجوحة هادئة الحبال) قام برسم لوحات الديوان كل من الفنانين جواد سليم وشاكر حسن ال سعيد وخالد الرحال وصورة غلاف الديوان لشاكر حسن ال سعيد دعا في مقدمة كتبها له تحطيم القافية والوزن وله في ذلك سابقة ممثلة بما سماه النثر المركز، يقول في مقدمة ديوانه هذا»ان الوزن لا يشل الخي
ذكرى رحيل حسين مردان
نشر في: 14 أكتوبر, 2009: 06:27 م