TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حسين مردان والشباب

حسين مردان والشباب

نشر في: 14 أكتوبر, 2009: 06:31 م

محمد مباركسأظل عبد عواطفي ولذائذي ما دمت في كنف الشباب الزاهر فاذا انقضى زمن الشباب ولم تعد ذكراه الا كالخيال .. العابر ودخلت في ليل الكهولة وانقضت ايام لهوي في الزمان الغابر وبدت لي الدنيا سعيرا مظلما ما بين اشباح الفناء الساحر وقبرت بين جوانحي قلبا به عبثت اعاصير الشتاء الجائر واطلقت روحي في سجون عذابها تشدو باغنية الجحيم الساعر.
 بهذه الكلمات المباشرة التي لم يشأ الشاعر ان يبذل جهدا في انتقائها وتزويقها وصياغتها يصور حسين مردان وموقفه من الشباب.. وقد كان صادقا فيما صور وان وجدناه يدخل ليل الكهولة قبل ليلها .. وكان بروح من الشباب ولم تضعف فتوة .. اذ الشباب لدى ابي علي حياة لانهاية لتقبلها واضطرابها في الحال او الانفعال وعالم لاحدود له من الحركة والتلوين والفعل..ومعان لا يحصرها قلم او يحيط بها قول وانما لك ان تتحدث و تتحدث عن الشباب في هذه الروح المعذبة والشاردة .. وتلك الانفعالات المتقلبة العاصفة وذلك النزق النبيل والتهتك الفاضل والعنف المسالم .. وذلك الوفاء والشرف وفناء الفكر وعنفوان الايمان بالانسان والتثبيت المحموم بالحياة وفي تلك المشاعر المتضاربة من اليأس والأمل والقنوط والاصرار والاذعان والمكابرة والانسحاب والتحدي والاسفاف ونوازع الفروسية المجيدة .. انه النبل الذي لم يشا ان يكون حكاية طين فطفق يرجم الارض بما يفري بجلها .. وينهك عرضها ويهزأ من قيمها ومعاييرها وما خلقت من محرمات ونصبت من تابوتات.. وبعد فهل وفيت حديثا او بلغت ليس لاحد عرف ابا علي عاش معه فترة ان يزعم ذلك فللشباب عنده هما الحياة من قوى مجنونة وصور متوحشة واوضاع وحالات لن يبلغها خيال فيحيط بها .. او ينوشها ذهن فيصادر عليها .. والان هل ثمة شيء اخر .. اجل .. ان الشباب عند حسين مردان جانب انساني اخر يقوم بهذا التوجه الحاني نحو الشباب مشاكسة لهم وغيرة منهم تعصبا اليهم وتبنيا لقضاياهم ودفاعا مجيدا عنهم وحرسا مخبولا عنهم على ان يكون واحدا منهم في عبثهم ونزواتهم ومغامرامتهم ومخاوفهم .. والسنة الجحيم ستعصف بهم في داخل هذا الفارس عصفا يختل له كل التوازن فلا يقوى على شيء ازاءه الا الصمت المثقل بالحزن الذي لاحد له والالم الذي يكاد تتقراه نتا عنيفا في تضاريس وجهه المتعب ونضرات عينيه الكابيتين ..وبعد فهل لي ان اجتزئ عينات من مواقفه حيال الشباب في احدى اماسي اتحاد الادباء في شتاء .. عام 1962 وقف شاب صبي في حدود السابعة عشرة من العمر ليقرأ علينا شعر يقول فيه : ان في داخل كل منا اوديبا اعمى كان هذا الشاب الصبي هو رياض قاسم وكان ابو علي حاضرا شانه في كل امسية اربعاء فما ان انتهى الشاب من قراءة قصيدته حتى وقف ابو علي واقبل على الشاب الصبي حانيا كاب مشجعا وناصحا موجها متخذا منه صديقا كفؤاً ورفيقا يجتمع معه في صعيد واحد حتى وان كان ثلاثين عاما تمت بينهم الصحبة  وزمالة ورفقة دربه الشاق .. وقد اتصلت بهم هذه الصحبة حتى غادر ابو علي الى غير رجعة ويوم جاء الى الاذاعة بعد ثورة تموز 1968 كان انتماءه له حقيقيا وحبه الى العمل فيها نقيا صافيا ومن ثم كان جاهدا فيها لا يسأل اجرا ولا ثوابا ونشاطه الدؤوب لاينتظر غير كلمة شكرا وبعد سنة او بعض سنة من وجوده في الاذاعة التقى برفيق عمره ومن شبه له انه التقاهما في صباه ثم غابا ليعودا ويلتقيا نه شبابا غضا في كهولته المبكرة انهما حميد الخاقاني واحمد خلف اللذان لم يتركهما او يتركاه لحظة عين على الرغم من شجاه المتصل معهما واختلافهما معه في الكثير . وظلا مع ابي علي  على هذا النحو من الصحبة والشجار حتى وارياه التراب وكانا اصدق من بكائه واكثر الناس إحساسا بفقده اذ كان لهما اكثر من رفيق .. اما حكايته مع الشاعر فوزي كريم فهي تدخل في باب التقاء الارواح منها في معرفة شاعر بشاعر .. فلقد وجد في فوزي ما كان يطمح إليه فوجد فوزي فيه الانموذج الذي كان يبحث عنه فلا يجده .. ان الحياة والتجربة والموقف الذي يعشقه على الرغم من اقتناع فوزي في تجاوزه عطاءا وشعرا .. ومن ثم كان رثاء فوزي لحسين مردان رثاء له ايضا اذ كانت فجيعته به لاتعد له الاخر .. فلقد فقد بفقده قريبا لايقوى على الالتصاق من دونه والاحساس الفاجع بعبثية الحياة ولاجدواها يتجسدان في ابي علي لدى فوزي بالشكل الذي يريد ان يكون هو رجل الشعر والثقافة والادب والمسؤولية لاختيار الشجاعة .. اما التقاؤه بحميد سعيد في صعيد اخر في تكافؤ والحب والاحترام الذي لم يقو على نفيه اختلاف الأنموذجين وليس هذا فقط من امر الشباب مع حسين مردان وانما كان ابو علي باستمرار مع كل حركة او تجمع يضم احلامهم في يوم كان تجمع المرفأ في اتحاد الادباء  يستقبل زواياه المنعزلة من بناية الاتحاد في الستينيات .. كان حسين مردان صوت هذا المرفا في الهيئة الادارية للاتحاد ومنظره الايدلوجي على الصفحات الادبية وفي اخر ايامه كم كان حسين مردان منطوياً على نفسه عندما كانت تعقد الهيئة الادارية اجتماعا للادباء الذي كان هو عضوا مؤسسا في عهديه وعضو دائم في الهيئة الادارية ويعمل كالمكوك في احدى زوايا الاتحاد وبينما اجتماع الهيئة وما كان ان تمضي عليه عشر دقائق حتى اشفعها باخرى مع الشباب ليعود بعدها الى الاجتماع وهكذا حتى يرفض فيأتي تجمع الشباب وقد أزاح عن ك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتحرك لاستجواب عدنان درجال بعد خسارة المنتخب العراقي أمام السعودية

منتخب الشباب يخسر أمام نظيره اليمني

الصحة تنوه بشأن إجراءات تعيين خريجي المهن

رواتب الموظفين تترقب "السيولة المالية"

صحة غزة: وفاة 5 أطفال نتيجة البرد خلال أسبوع

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

السوداني يعرض المساعدة على السوريين لضمان تمثيل مكونات الشعب في النظام الجديد
غير مصنف

السوداني يعرض المساعدة على السوريين لضمان تمثيل مكونات الشعب في النظام الجديد

بغداد/ المدى أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء الأربعاء، استعداد العراق لتقديم المساعدة للسوريين، بما يضمن تمثيل جميع مكونات الشعب في النظام الجديد. جاء ذلك، خلال استقبال رئيس الوزراء، لوزير الدفاع الألماني بوريس...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram