علي حسين آخر نكتة أطلقها رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي تقول إن الرجل يسعى لانضمام بغداد إلى إقليم البصرة. وقد افتانا الحاج الزيدي بأن كل الخيارات ستكون متاحة أمام الحكومات المحلية في الوسط والجنوب في حال سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي"، وقال أيضا: الأزمة السياسية مفتعلة، وتهدف إلى تفتيت وحدة العراق".
كامل الزيدي يحذرنا مثلما حذرنا من قبل بقدرته على أن يزلزل الأرض تحت أقدام " ثلة" المثقفين، ويبدو أن الرجل الذي صمت خلال الشهور الماضية قرر الإفراج عن صوته من جديد… يتحدث دائما كأن لديه ما سيقلب العملية السياسية .. صحيح أن المخاوف تحيط بالناس من كل مكان وعبر تصريحات وخطط تهدف إلى سرقة تضحيات العراقيين وصبرهم .. وصحيح أن البعض لا يزال يلوح بسيناريو اسود لو تجرأ البرلمان وفكر مجرد تفكير في طرح موضوعة سحب الثقة، إلا أن الشيء المؤكد ان السياسية هي الشيء الوحيد البعيد عن عقلية البعض ممن فشلوا في تقديم ابسط الخدمات للعراقيين والذين مازالوا يتصورون أن الناس لا تنام الا بعد ان ترفع يديها للسماء طالبة لهم بطول البقاء على كرسي الحكم. كامل الزيدي لم يتغير، فهو يصنع الكذبة ويصدقها حين يقفز فوق الأشياء ليتحفنا بتحليلاته الافتراضية يبدو وكأنه يتحدث عن شعب ودولة غير العراق. ولأننا في زمن اللا معقول فإن كل شيء مباح ومستباح حين يطالب كامل الزيدي جميع السياسيين بالعودة إلى طريق الصواب، وان طريق الهداية مفتوح أمامهم فقط لو آمنوا بنظريته التي تدعو إلى أن تكون مدن العراق كافة مقفرة، مهملة، ومظلمة.لعل اغرب ما في تصريحات الحاج الزيدي هو القدرة على تحريف الحقائق والقفز عليها، بحيث تبدو الأشياء من منظوره نقية وبيضاء من غير سوء، وكل ما كتب عن الخراب الذي حل بالمحافظات وسوء الخدمات هو هلاوس وضلالات تستبد بالمارقين الذين يصرون على سحب الثقة من الحكومة. وربما يقول البعض ما الداعي للكتابة عن رئيس مجلس محافظة بغداد إذا كانت تصريحاته قد تكفلت بنفسها بفعل تلك الغابة الكثيفة من الدخان المنبعث من مستودعات الحروف الصماء التي لا تقول شيئا، ولا تدل إلا على أن مطلقها إما يتحدث عن مدينة أخرى غير بغداد، أو إن العراقيين جميعا قد أصيبوا بعمى البصر والبصيرة فصاروا لا يشعرون بالنعم التي يرفلون بها، ولا يستطيعون رؤية مؤشر النمو وهو يقفز برشاقة إلى الأعلى والأمام، وفي هذه الحالة فكلنا مدينون بالاعتذار لحاكم بغداد كما أطلق على نفسه، وللحكومة طبعا، على هذا الجحود ونكران الجميل وإساءة تقدير حجم المنجزات التي قدمت للعراقيين بشكل عام ولأهالي بغداد بشكل خاص والمكانة التي حصل عليها العراق في مؤشر البؤس العالمي. لقد كتبنا كثيرا عن مسؤولية كامل الزيدي ومجلسه الموقر عما أصاب بغداد من تدهور في كل المجالات، دون أن يُسأل من الحكومة او يستجوب في البرلمان.ولم نعرف أن الرجل داهمته حالة حزن واكتئاب تدفعه لكي يغسل يديه من هذا الخراب التاريخي ويتوارى عن الأنظار، وقد كان يستطيع، لكنه ابن نظام سياسي يريد أن يعيش على ترويض الناس وخداعها بشعارات براقة ومصالح ومنافع وأحباب وأقارب لا مؤسسات دولة تخضع للمساءلة والرقابة .. هذه هي نظرية كامل الزيدي للحكم التي ترى أن الخروج على السلطة شغب لابد من مواجهته، حتى وان كان من خلال التهديد بإقامة أقاليم يتولى شؤونها حكام ثوريون على شاكلتة. البيان الذي ألقاه علينا رئيس مجلس محافظة بغداد كشف عن ركاكة سياسية أدت ولا تزال تؤدي بالناس إلى طريق التهلكة، بعد أن حرمتهم من ابسط شروط العيش الكريم، بعد ان أن ضحكت عليهم بشعارات براقة وملونة عن العدالة الاجتماعية والرفاهية والتنمية والخدمات ليجدوا أنفسهم في النهاية وجها لوجه أمام مسؤولين منشغلين بالتحضير لإقامة إقليم دولة القانون.
العمود الثامن:آخر "نكات" كامل الزيدي
نشر في: 29 يونيو, 2012: 05:54 م