اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > وثائق

وثائق

نشر في: 14 أكتوبر, 2009: 06:32 م

اعداد وتقديم حاتم الصكر هذه الرسالةلم يكن حسين مردان قد اتم الثلاثين من عمره حين نشر هذه الرسالة في الصفحة الثقافية لجريدة الاخبار التي كان يعمل محررا فيها.
والرسالة تشي بشعور الوحدة والالم والحزن الذي كان مسيطرا على حسين مردان وهو اذ يشكو الى صديقه الفنان شاكر حسن آل سعيد تلك المشاعر، فانه لايحمله وزرها قدر استخدامه لحق الصداقة وطقوس المشاركة الانفعالية.وشعوره بالم الوحدة شعور ثقافي اكثر منه شعورا حياتيا.اي ان معاناة الوحدة واحاسيس الاغتراب تحصل عند حسين مردان جراء اصطدام حلمه الثقافي برتابة الحياة وجمود الواقع.وحسين مردان يمثل في هذه الرسالة نموذج المثقف الخمسيني المعترض على الواقع بدون رغبة في مجافاته تماما.وتلك كانت ابرز سمات الواقعية كما فهمها الكتاب والشعراء العراقيون آنذاك.فالشاعر (يرفض) الصداقة العادية ويحلم بتحطيم كل شيء لكنه في الوقت نفسه مشدود الى المجتمع بشعور غريب بالمسؤولية التي لايعني التملص منها الاّ (البوار) لان الابتعاد عن الناس موت هنا –كما يقول حسين مردان – موطن اللعنة في مشكلة الفنان المعاصر.وهذا المأزق –الاقتراب من الناس ورفض الواقع- يفرض صراعا عنيفا داخل الذات اولا، ومع الخارج ثانيا.وذلك واضح في توتر لغة الرسالة، وحدتها وميل حسين مردان الى تجسيم افكاره بصورة بليغة لاتقل حماسة وهياجا عن اللغة التقريرية التي كتب بها الرسالة.والشاعر يدرك ذلك فيعتذر من صديقه معللا ذلك بضغط الخارج على اعصابه، وبالوحدة التي يحياها والتي شبهها بوحدة حيوانات القطب.يريد حسين مردان من صديقه الرسام شاكر حسن آل سعيد ان يفتش في الزوايا والاّ يكتفي بسطح الحياة في باريس. انه لايريد لصديقه ان يتعلم بما يملي عليه فحسب، فالعلم عنده هو ما استقر في ضجيج الحياة وصخبها كما ان حسين مردان يرينا في رسالته مفهومه للصلة بالغرب فهو يريد ان يعود صديقه وقد (تجدد دمه) وفهم ما وراء الحياة الظاهرية فحسين يؤمن بان الحياة هي المدرسة الاولى والاخيرة وتلك خلاصة تجربته الشخصية اما الانصراف الى العلم المجرد دون اختبار صدقيته في الحياة فامر لايؤمن به حسين لذا فالدراسة عنده لاتكفي وحدها حتى لو كانت في باريس عاصمة الفن.. فهناك دوي الحياة في الخارج ولابد للشاعر والفنان من اذنين مرهفتين حادتي السمع ليقف على مايمور في احشاء الحياة.وهذا جانب آخر من جوانب الفهم الخمسيني للواقعية.-فهي ارتباط مسؤولية لابد منها، بالناس والمجتمع.-وهي ارتباط عيش وتجربة حقيقية لاتغني عنها القراءة او العلم.تعكس الرسالة الى جانب ذلك اسلوب حسين مردان الذي يبالغ في تصوير الفكرة ويستعين من اجل توصيلها وتوضيحها، بصور بليغة تميزه عن سواه وتدل على شخصيته.وهذا واضح في (التعليق) الملحق بالرسالة.. لقد حسب حسين مردان ان هذه الرسالة (ستذهب الى النسيان كما يذهب اي شيء آخر في هذا العالم).. ولكن افكارها اثارت نقاشا كثيرا عند نشرها، وها هي بين ايدينا بعد اكثر من ثلاثين عاما ما يصلح للنقاش ايضا..رسالة من شاعر الى رساماخي الرسام شاكر حسن:لقد وصلتني رسالتك الاولى فسررت بها كثيرا وتناولت القلم اكثر من مرة وكتبت عدة سطور ثم نسيت الامر دفعة واحدة. نسيتك ونسيت ان في العالم مدينة اسمها (باريس) بل ونسيت حتى نفسي.. وجاءت رسالتك الثانية ففرحت بها ايضا واثارتني للكتابة، ولكن هيهات،، ان الايام تمر وانا جامد متصلب كحجر الطاحون ولنفرض اني انجزت كتابة الرسالة ولكن من الذي سيحملها الى البريد!!. وهل هناك قوة تستطيع ان تدفعني الى ان اقوم بمثل هذا العمل الجبار، شراء الطوابع ولصقها على الظرف ودفع الفلوس ايضا،، الا ترى ان القيام بمثل هذه العملية تكاد تكون من الخوارق بالنسبة لي.بصراحة لقد اصبحت اكره حتى الصداقة فانا لا اريد ان اتعب نفسي مطلقا لقد اغلقت الباب وعيني مملوءة بالرمل فلا اوّد ان ارى غير وجهي ماذا تريد مني؟ اني رجل قاحل كالعدم، ومع ذلك فها انا اكتب اليك هذه الرسالة والتي اعتقد انها لن تصلك قط وستذهب الى النسيان كما يذهب شيء آخر في هذا العالم.. تقول انني اهملتك، انه لو تعلم ياشاكر.. ان الموتى هنا لايفهمون ولو انهم يحركون اذرعهم كالقردة، لقد ضربوا على آذانهم فلا ينبعث من حناجرهم غير النشيج.. وانا الوب في الوحدة والالم يلوي شفتي لاني لم اجد الانسان الذي يقبل ان ارفعه الى قلبي، ان زفرة واحدة نطلقها في لحظة ضيق كفيلة بابعاد جميع الاصدقاء من حولنا، لانهم هم انفسهم يمتلئون بالزفرات ساعة بعد اخرى، ولهذا فضّلت العودة الى الاشباح فرجعت الى السكر، ولكن حتى هذا السم الابيض لم يعد يؤثر في احزاني، ان الخمر قد يخدر عقلي ولكن اين اجد الشراب الذي يخدر القلب!!.لقد كنت تدرك لغة الجنون وتفهم معنى الظمأ الذي تشكو منه الصحارى وبسفرك لم يبق لي غير الانفراد، ولعلك تعرف اي رعب اسود في هذه الكلمة الجهنمية، وانا ادور الان في بيت العنكبوت وكل ما افعله هو ان اقضم اظافري بصمت .. آه لو استطيع ان افسر الطلاسم التي ترتسم على شفتي الان!. لا شك انك قد قرأت شيئا عن حيوانات القطب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

"مشروع 2025".. طموح ترامب يتحول لسلاح بيد بايدن

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram