برلين/ د. أياد البكريتوفي قبل عدة أيام في بلاد الغربة الفنان التشكيلي العراقي المغترب داود عناد بعد مرض عضال ألّم به منذ فترة طويلة وقد التقيته في المرة الأخيرة قبل وفاته في مقر إقامته في مرسمه الواقع في إحدى ضواحي العاصمة برلين. وبدأ يتحدث عن البدايات التشكيلية الأولى وانحداره من مدرسة الرواد العراقية التي تأثر بها كثيرا .
بدأ حياته الفنية في مسكن الفنان الراحل جواد سليم وشقيقته الفنانة الراحلة نزيهة سليم . ويستمد الفنان الراحل عناد جميع موضوعاته من المرأة العراقية منذ أن وجدت على ارض الرافدين هي المرأة السومرية والآشورية والمعاصرة ويستمد قوة المرأة في موضوعاته من خلاصة التاريخ المشرق في بلاد وادي الرافدين لذلك يجد الناضر في مفردات لوحاته إلهة الخصب والعطاء كذلك الصبر والمثابرة وعشقها للأشياء في الحياة اليومية. الرمز المستخدم في جميع لوحاته المعروضة في مرسمه تحولت الى قيمة تشكيلية ودلالات اجتماعية وثقافية اضافت عليها روحا من الوعي بالفن الحديث والبناء الشامخ القوي فغدت نساء اللوحات ركنا من التصميم الأساسي للتجربة الفنية وأصبحت كل لوحة بجانب الأخرى تشكل متوالية تحمل رموز العمل الفني التكاملي الأكبر. سألت الفنان لماذا المرأة العراقية في لوحاتك الفنية من دون نساء العالم ؟- المرأة العراقية من أجمل نساء العالم وأرسخهن في علاقاتها الإنسانية الرجل والطفل والأسرة والمجتمع والأخت والحبيبة وهي كذلك وهي إلهة الخصب والبركة والتكاثر . يجد الناضر في كل لوحة من لوحاتي المعروضة ذلك الرمز من إلهة الخصب فهي في إحدى اللوحات تحتضن طفلها وسط النسوة .اشعر أن المرأة العراقية تحملت الكثير وحملت العبء الأكبر في الظروف القاسية والقاهرة التي مر بها العراق في سنوات الحرب والحصار.rn* ماذا أضافت غربة الوطن لإبداعك الفني؟- أضافت الكثير لي خصوصا شعوري بعراقيتي ووفائي لمدينتي وأهلي ومنحتني مقومات إضافية وجديدة حاولت أن أبرزها وأجسدها في معظم أعمالي التشكيلية، فضلا عن تأكيد هويتي العراقية في هذه اللوحات. والغربة جعلتني باستمرار ابحث عما تركه تاريخنا العربي وما نمتلكه من رموز وموروث شعبي وفلكلوري يرجع الى حضارة وادي الرافدين والحضارات العربية والإسلامية الاخرى . كما انني استفدت من وجودي في غربة الوطن ومشاهداتي المتكررة واطلاعاتي المستمرة على المعارض والمتاحف الفنية وتجارب الفنانين العاملين بشكل عام والألمان بشكل خاص وتعرفت على أسلوبهم ومدارسهم الفنية.rn* وهل تأثرت أعمالك الفنية بهذه الأساليب والمدارس؟- لم أتأثر تأثيرا مباشرا ولكن بالتأكيد فإنني طوعت هذه الأساليب لخدمة أعمالي التي بقيت محافظة على عراقيتها الصميمية فإنني لم أتأثر بالثقافات لكن هذا لا يعني أنني بعيد عن التقنيات الحديثة في مجال التشكيل، فالتغريب لم يسرق عراقيتي كذلك الموت لم يفرقني عن لوحاتي التشكيلية. يشير التشكيلي العراقي داود عناد الى أن حركة التشكيل في العراق ما زالت تتواصل وتعبر عن إبداعها وارثها الحضاري عبر أسماء فنية مهمة في حركة التشكيل العراقي على الرغم من أن هناك أسماء فنية كبيرة غادرت الساحة التشكيلية العراقية تبحث عن بيئات أخرى لتواصل عطاءها الفني بسبب الظروف القاسية وغياب الأمان وعدم الاستقرار في هذه المرحلة في العراق لذلك نجد التشكيلي العراقي حاضرا في الساحة العربية والأوربية ويؤكد هويته الفنية من خلال هذا الحضور.نجم جديد هوى في غربة الوطن... فقد غادرنا الفنان العراقي داود عناد ولوحته النهائية لم تكتمل بعد، تركها في مرسمه ناقصة الخطوط والألوان ليدفن في إحدى مقابر العاصمة برلين، بعيدا عن وطنه العراق، وهذا حال معظم المبدعين العراقيين الذين دفنوا خارج وطنهم الأم .
في آخر حوار معه..الفنان داود عناد: الموت والتغريب لن يسرقا عراقيتي
نشر في: 29 يونيو, 2012: 06:59 م